الولايات المتحدة باتت تميل أقل وأقل علي مر السنين للبحث عن الحلول الوسط

سيرغي ريابكوف نائب وزير خارجية روسيا

سيرغي ريابكوف نائب وزير خارجية روسيا

أرمين أوغانيسيان: رئيس تحرير مجلة “الحياة الدولية”: تجري في الفترة الاخرة يا سيرغي اليكسيفيتش، مناقشة نشيطة لقانون مناهض لروسيا أقره الكونغرس الامريكل ووقعه الرئيس دونالد ترامب. هل تعني واقعة التوقيع على هذا القانون، بداية فترة طويلة تتحول فيها علاقاتنا مع الولايات المتحدة إلى مواجهة سياسية واقتصادية أم أن هذه الوثيقة التي تحد من قدرات الرئيس د. ترامب هي وإلى حد كبير عبارة عن عنصر من عناصر النضال السياسي الداخلي في الولايات المتحدة؟

سيرغي ريابكوف: أنه يعني هذا وذاك. وحقيقة أن الرئيس د. ترامب، عند التوقيع على القانون، تحدث عن رفضه لمحاولات كل من مجلسي الكونغرس المتعلقة بالتطاول على صلاحيات الرئيس الدستورية، وهو أمر له دلالته ويتحدث عن نفسه. ولكن بالنسبة للمواجهة بين دولتينا فاعتقد أنه لا يجوز التوغل بعيدا في التعميم. وأني لأمل بأن الأمور لن تصل إلى حدود المواجهة. ونحن سنعمل لصالح إن لم يكن التغلب الكامل على الأثر الدمر للقانون، فعلى الأقل للعثور عنى طرق تسمح بتقليل الضرر إلي أدنى حد ممكن.

ولكن المشكلة تكمن في إنه بات من الصعب جدا التخلص من كل ما أقترفوه في العلاقات الروسية الأمريكية، بشكل تشريعي بدون قرار جديد من جانب مجلسي الكونغرس الأمريكى وهو أمر يتطلب بذل الجهود الكبيرة فعلا.هذه هي الحقائق. إنها تتعلق بتصرفات أعضاء الكونغرس الأمريكى، التي سيكون لها عواقب بعيدة المدى. ومن الصعب جدا في الوقت الراهن التنبؤ والتكهن كم من الوقت سيلزم لكي تتم صياغة وضع طبيعي ملائم نسبيا للعمل مع الولايات المتحدة. نحن سنسعى جاهدين لتحقيق ذلك.

أرمين اًوغانيسيان: ما مدى مقدرة رئيس الولايات المتحدة على تنفيذ خطوط سياسة داخلية وخارجية خاصة به وما مدى استعداده للقيام بذلك في الظروف الحالية؟

سيرغي ريابكوف: لا يمكنني القول إن إدارة ترامب في العديد من النواحي تقوم بالفعل في تحديد جدول أعمال السياسة الخارجية. اًجل، فعلا لدى الرئيس ترامب في الواقع يوجد برنامج سياسي داخلي جذاب، وهذا البرنامج ،حسب اعتقادي، يبقى مطلوبا من قبل جزء كبير من الأمريكيين. ولكن من ناحية تنفيذه وتحويله الى أمور ملموسة فعلأ، يمكن القول إن كل شيء يتحرك، بقدر ما يمكن الحكم عليه، ليس بالنجاح الذي يريده البيت الأبيض، أو السلطة التنفيذية ككل. أما بالنسبة للسياسة الخارجية — على الأقل في “مكونها الروسي — حتى الآن لا يمكن الشعور إلا بخيبة الأمل.

ولا بد لي من الاعتراف بأن هذا لا يزال في كثير من النواحي بمثابة الاستمرار الأسوأ لأرث أوباما. بل ويمكن ملاحظة حتى بعض التشديد في الخطاب في عدد من جوانب الخط السياسي الذي تسبب في مشاكل في العلاقات الأمريكية مع روسيا وعدد من البلدان الأخرى، في المرحلة الأخيرة من وجود الإدارة السابقة في السلطة. وبالنتيجة نتعامل مع “استمرارية السلبية” في السياسة الأمريكية تجاه روسيا وبعض الانكباح، كما يبدو للمراقب الجانبي. ويجري تنغيذ تلك الشعارات والأفكار والمقترحات التي تم التعبير عنها في واشطن في وقت سابق. دعونا نرى ما سيحدث لاحقا. بالطبع، ترامب يبدو رجلا قوي الإرادة، ويتمتع بحكمة تجارب الحياة ولذلك على الأغلب لن تتمكن العواصف السياسية المحلية من تشكيل العوائق بالنسبة له. ومع ذلك، نحن نشاهد حدوث “انجراف” للإدارة في بعض القضايا والمواضيع نحو المشاعر السائدة في الكونغرس.

في الوقت الحاضر لا يزال من المكن القول إن إدارة ترامب تتواجد في مرحلة السعي وترسيخ مسالكها ومنهجها. ولكن من المحزن جدا ان العلاقات مع روسيا لم تجتاز الاختبار على الصلابة من وجهة نظر الصمود أمام الهجمات التى شهدت ازديادا كبيرا ق الاشهر الاخيرة. وفي النهاية المطاف قامت الأغلبية في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، بفرض إرادتها على الإدارة.

أرمين أوغانيسيان: التاريخ طبعا لا يعرف الافتراض ولكن لو افترضنا أن هيلاوي كلينتون فازت في الانتخابات ووصلت إلى السلطة ؟ أعتقد أننا كنا سنعيش عبر وقت كان أفضل في عهد الديمقراطيين.

سيرغي ريابكوف: لا أستبعد أن تكون على حق. وكان من المحتمل أن يحدث تدهور درامي ،لكننا لا نستطيع التحقق من ذلك ، يمكننا فقط أن ننظر بشكل مجرد وفرضي. ومع ذلك، فإن الواقعة ذات الأهمية الكبرة بالنسبة لي في هذه الحالة هي أنه من أعماق الحزب الديمقراطي بالذات، الحزب الذي انهزم مرشحه، تم إخراج الجني المناهض للروس من القمقم، وهو الذي انتج وولد شبح الجري وراء العدو الخارجي. ونتيجة لذلك، نشأت الآثار التي نراها الآن في شكل قانون جديد، وفي شكل حالة الجنون الهستيري حول روسيا في الولايات المتحدة، الذي لا يمكن تفسيره تماما بشكل عقلاني والذي يترافق باتهامنا بكل “الخطايا المميتة” وبهوس محدد حول الملاحقة الذي أصاب الكثير من السياسيين والموظفين الكبار في واشنطن.

لقد استخدم الديمقراطيون ، وعلى نحو لم يسبق له مثيل، روسيا كشبح، واستخداموا العلاقات مع روسيا كأداة، وكمطرقة، أرادوا بها تحطيم رئاسة ترامب، وقوضوا علي مدى سنوات طويلة إمكانية بناء علاقات معقولة معنا. للأسف، هذا هو الحال. وبغض النظر عن الشخص الذي يشغل منصب رئيس الولايات المتحدة، وبغض النظر عن من سيفوز بالانتخابات القادمة، هو أو هي، سيشعر في ظروف القانون الذي فرضه الكونغرس بمجلسيه، بأنه مرتبط ومفيد كثيرا من وجهة نظر اتباع سياسة أكثر منطقية تجاه روسيا. هذه مشكلة كبيرة لم تكن موجودة سابقا. وهي وطبعا تعني فوض واقع جديد.

أرمين أوغانيسيان: حجم العلاقات التجارية بين روسيا والولايات المتحدة ليس بالكبير. والعقوبات الأمريكية لا يمكن أن تؤثر على هذا الجانب من علاقاتنا. وبالتالي، لا داعي للخوف ولا يوجد ما يخشى منه ؟

سيرغي ريابكوف: نحن تعلمنا فعلا أن نعيش في ظروف العقوبات. ومنذ عام 2014، مرت 35 موجة من موجات العقوبات، وتخضع للعقوبات حوالي 400 مؤسسة روسية وحوالي 200 شخص من مواطنينا. ويضيف القانون الجديد القيود المفروضة على شراء الأوراق المالية الروسية، ويفرض القيود على حجم الاستثمار في المشاريع الروسية.

وهو أيضا يفرض القيود على امكانية الوصول إلى التكنولوجيات الحديثة في مجال الانتاج غير التقليدي للنفط والغاز. وهناك نقاط أخرى إلى جانب العنصر السياسي لهذا القانون، الذي بحد ذاته شائن وشنيع. وهو بدون شك استفزازي في نواح كثيرة. بشكل عام، تمت اضافة الكثير من الألوان القاتمة الى الصورة. ومع ذلك، نعتقد أنه يمكننا العمل حتى في هذه الحالة. اجل حجم التبادل التجاري صغير وهو أمر على الاغلب سيء وليس بالجيد.

ولو كان حجم التبادل التجاري أعلى وأكبر، كنا سنسمع صوت البزنس الأمريكي بشكل أعلى وكان سيبدو أكثر تحديدا واعتقد حينذاك لم تكن لتتمكن المجموعة المارقة من السياسيين العاملة وفقا لمبدأ “من الأفضل تدهور الأمور أكثر فأكثر” ، من تحقيق مآربها. لقد فقدت هذه المجموعة كل ما يمكن أن يوقفها من مكابح على الإطلاق، وهي تملي إرادتها على البقية وتقود خلفها، وفق ما اعتقد، كل الذين لا تهمهم كثيرا العلاقات مع روسيا. ولكنهم وعلى موجة “الخوف من روسيا” المتأججة بشكل مصطنع انجرفوا أيضا في دوامة العمليات المدمرة. ولا شك في أن الاقتصاد سيذكرنا بنفسه في المعنى الجيد والسي ء لهذه الكلمة. ونحن بطبيعة الحال نكثف العمل المتعلق في مجال الاستعاضة عن الاستيراد ونقوم بتقليص والحد من الاعتماد على أنظمة الدفع الأمريكية وعلى الدولار كعملة للحساب وغيرها. لقد أصبح ذلك الآن ضرورة عاجلة.

أرهين أوغانيسياف: ما هي القيود الأخرى التي فرضها القانون أيضا؟

سيرغي ريابكوف: بالإضافة إلى ها ذكرته، هناك قيود إضافية لاحقة على المؤسسات المالية والائتمانية الروسية من حيث الحصول على الموارد في السوق الدولية. وهناك مجموعة كاملة من التعليمات لوزارة المالية، التي طلب منها أن “تحفر وتبحث” عن مصادر الدخل التي بواسطتها وبمساعدتها تم توظيف هذه الاستثمارات او تلك من روسيا بالعقارات في الولايات المتحدة.

وهناك أيصا مجموعة تتسم بالوقاحة السياسية بشكل لا سابقة له وهي تتعلق بفرض القيود على إمكانيات ومقدرة السلطة التنفيذية للولايات المتحدة الأمريكية في مجال تنفيذ سياسة خارجية ذاتية مستقلة. وفي مجال “الشؤون الروسية” تم الآن فرض قيود كبيرة على أيدي السلطات التنفيذية الأمريكية.

وبات لدى أي إدارة أمريكية بغض النظر عن أسم رئيس الدولة الحد الأدنى من المجال للمناورة ولتنفيذ نشاطاتها الخاصة. ولا شك في أن التخلص من كل هذ٥ العوائق والحواجز الضخمة المناهضة لروسيا سيتطلب قرارا مشتركا بين الحزبين والمجلسين في الكونغرس، الأمر الذي سيكون بالغ الصعوبة إذا ما أخذنا بالاعتبار المزاج السائد حاليا.

اجل، حسب اعتقادي، سيكون من الصعب جدا تموير ذلك عبر مجلسي الكونغرس. وليس من الواضح متى يمكن أن يحدث من حيث المبدأ. ويتضمن القانون المنكور مجموعة كبيرة جدا من القوائم والتقارير في “الشؤون الروسية” التي يجب على الإدارة الأمريكية حتما تحقيقها.

ويجب على الإدارة أن تقدم للكونغرس في فترات دورية متفاوتة تقارير عن كيفية تنفيذ هذا القانون واستعراض ما تقوم به روسيا على المستوى الدولي، كل ذلك يجب أن يعرض للاستماع والنقاش في جلسات الكونغرس وذلك على شكل تقارير مدونة ومكتوبة.

وكل ذلك يعني أن الموضوع ليس فقط سيبقى ساخنا بشكل مصطنع، بل وسيجري تأجيجه باستمرار لكي تتمكن مجموعة “الروس فوبيا” التي تسيطر عل مجرى الامور وتحدد لهجة الكلام حاليا من “الامساك بالرسن القصير” لكل من يستطيع التفكير بشكل آخر في الولايات المتحدة.

أرمين أوغانيسيان : هذا أسوأ من المكارثية.

سيرغي ريابكوف: يبدوذلك.

أرمين أوغانيسيان: يتشكل الانطباع بأن الضغط والعقوبات على روسيا يجعلها اقوى.

سيرغي ريابكوف: هذا المنطق صحيح. فعلا، روسيا لا تقدم التنازلات تحت الضغط، ولا تفعل تحت الإملاء أي شيء على الإطلاق من ما يرغب الخصوم تحقيقه. لا شك في أن موضوع تكييف آلياتنا الاقتصادية مع الواقع الحالي هو أمر في غاية الجدية. وأؤكد لكم، نحن نقوم بذلك وتمارس ذلك المجموعة الاقتصادية في حكومتنا. وفي تاريخنا الطويل الكثير من الأمثلة عن كيفية استخلاص الإيجابيات من السلبيات.

هذه صفة من صفاتنا وطباعنا. ونحن قطعنا هذا الطريق مرات عديدة في الماضي وقمنا بانتهاج مثل هذا السلوك. والآن يجب علينا التفكير في كيفية حماية أنفسنا من الاندفاع الامريكي الشامل لتحقيق الهدف المنشود بغض النظر عن العواقب. ومن جانبي أرى جوهر القانون ومعناه السياسي عموما في الرغبة في أخذ العالم كله كرهينة أو على الأقل تخويف الجميع إلى أقصى حد. ويتضمن نص القانون عبارات “مطاطة” ومرنة بشكل متعمد. وبالإضافة إلى التعليمات المباشرة، هناك عدد كبير من الفرص “لاتخاذ قرار بشكل متنوع”. هناك قرار بوضع الأمور “تحت رحمة” وزارة المالية الأمريكية: إذا رغبت يمكنها فرض العقوبات على من يتعاون مع الروس ويمكنها عدم فرض ذلك. الغاية هنا هي تخويف البزنس في الدول الثالثة لمنعه من القيام باًية نشاطات لصالح روسيا.

إذن يمكن القول إن سياسة أعدائنا على تلة الكابيتول (الكونغرس) تتلخص في رسم المزيد والمزيد من خطوط التقسيم. ولقد ترسخ في اعتقادهم أنه بمكن “عزل” روسيا، اذا لم يكن بشكل مباشر فعلى الأقل بشكل غير مباشر، بغرض عقوبات على البزنس من الدول الاخرى- نحن نفهم وندرك تماما مغزى هذه “الألعاب”. ومن المهم بالنسبة لنا أن نضع مخططات اقصادية فعالة وقابلة للاستمرار يتم بموجبها تخفيض “الارتباط” بنظام الحسابات والقروض في الولايات المتحدة. أنا لست مختصا في المجال الاقتصادي ولكني كشخص يعمل في وزارة الخارجية أشعر بذلك. وإلا، فإننا ستبقى دائما معلقين بصنارتهم وهو ما يسعون له.

أرمين أوغانيسيان: الكثير من الناس يتسألون لماذا في الكونغرس الأمريكي، الذي أغلبية النواب فيه من الجمهوريين، بدأت عملية محاربة الرئيس الجمهوري؟

سيرغي ريابكوف: على وجه التحديد، فيما يتعلق بمشروع القانون هذا، انتصرت فكرة أن روسيا هي مصدر كل المصائب. هناك زعم بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الأمريكية،وبأن روسيا تتصرف “بشكل غير لائق” مع جيرانها، وهناك زعم بأن روسيا خلقت وضعا بات فيه من الممكن الحديث عن انهيار النظام الذي عاشت فيه الدول الغربية بشكل مريح. من الواضح أن تعليق اليافطات ليس فقط مجرد عمل روتيني للمروجين الدعائيين. هذا “ألف” و”ياء” الخط السياسي لأولئك الذين يجلسون في الكونغرس الأمريكي. فبالنسبة لهم، أصبحت حماية القيم الأمريكية المفسرة بشكل زائف وترويج هذه القيم، أعلى من مصالح بلادهم.

لا أريد أن أتعمق أكثر في غياهب حمى مناهضة الروس التي تشمل كل وسائل الإعلام في الولايات المتحدة وكذلك كل السياسيين ومعظم المختصين في الشؤون السياسية هناك الذين يبتدعون “ويتمتعون بتداول” أمور غير موجودة على أرض الواقع. هذا كله أمر قذر لا يليق بدولة مثل الولايات المتحدة. ولكن الواقع يبقى واقعا. أنهم يلحقون الضرر بأنفسهم. وما يحدث في الأشهر الأخيرة في الكونغرس هو في حد ذاته ضربة جدية جدا لصورة وسمعة وهيبة الولايات التحدة كدولة رائدة والأكثر تأثيرا في نواح كثيرة في العالم. ومن الغريب فعلا أنهم لا يفهمون هذه الأشياء الواضحة. ولا شك في أن “ألعاب” السياسيين الأمريكيين القصيرة الطول بدون أي سبب هي أحدى الظواهر المدهشة في الفترة الاخيرة.

أرمين أوغانيسيان: معظم مواطني ألمانيا، وفقا لآخر استطلاع للرأي أجراه معهد البحوث الاجتماعية والتحليل الإحصافي Forsa- يؤيدون نهج الحكومة الألمانية المعارض للعقوبات الأمريكية الجديدة ضد روسيا. هل ظهر مجال جديدة للمناورة لدى موسكو من أجل تعزيز العلاقات مع برلين؟ كم يمكن أن تصمد أوروبا أمام الضغط الأمريكي؟

سيرغي ريابكوف: عندما اتخذ الأوروبيون في أحدى الفترات موقفا صارما تجاه قانون هيلمز- بيرتون. تم العثور عل وسائل قانونية استخدمها الاتحاد الأوروبي بالناحية العملية لحماية البزنس الاوروبي من تطبيق العقوبات الأمريكية خارج الحدود الإقليمية. حينذاك ولأسباب اقتصادية وسياسية وغيرها، قام الاتحاد الأوروبي ببناء “سياج” قانوني، وعثر على مثل هذا الترياق القانوني الذي أجبر الأمريكيين على قبول مقاومة الأوروبيين كأمر واقع. وطوال عقود عديدة، لم يعط الحصار الأمريكي المفروض عل كوبا الذي روجت له واشنطن، الكثير من الفائدة ولم يحقق الأثر المنشود. لقد ظهر خرق كبير في الحصار الأمريكي، على شكل تدابير مضادة من قبل الاتحاد الأوروبي. ولكن هذا كان في الماضي. أما بالنسبة للوقت الحاضر، فنحن نسمع تصريحات تعبر عن مشاعر جزء كبير من سكان البلدان الأوروبية، ولا سيما أولئك الذين هم أكثر اهتماما من الآخرين في علاقات طبيعية معنا ، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية. ولكن بعد التصريحات، ربما، ينبغي أن يتم اتخاذ إجراءات وتصرفات أخرى. ولو حاولت التهكن في هذا الوضوع فمن غير المستبعد أن يقوم أحد ما في سفارات الدول المعنية في موسكو، بعد تعقب هذه التصريحات من جانبي، بالكتابة إلى سلطات بلاده والقول إن الروس يحاولون مرة أخرى “دق الأسافين “، و “إضعاف الروابط عبر الأطلسي”. وكما نعلم، هذا يعتبر من الذرائع المباشرة لتعاضد هؤلاء وأولئك الذين تجري “محاولة دق الأسفين” بينهم.

وبشكل عام ، من جانبي لا أثق في استقلال أوروبا الحالية كلاعب، وخاصة في الاتجاه الروسي. وللأسف قام الأوروبيون بتكديس الكثير من الأمور السلبية في السنوات الأخيرة، وخلقوا طبقة كثيفة من العوائق في العلاقات مع بلادنا ولذلك سيكون من الصعب عليهم التخلي عنها لاحقا. سنرى كيف ستسير الأمور. وطبعا ضغوط لوبي البزنس والاقتصاد تعتبر أيضا من العوامل المؤثرة. ومع ذلك، فإنني لن أبالغ في أهميتها في الوضع الجديد.

أرمين أوغانيسيان: سيرغي ألكسيفيتش، دعونا ننتقل إلى التفاصيل “المحزنة “. أعني الحجز على العقارات الحكومية الروسية في أمريكا، وإبعاد الدبلوماسيين ورد فعلنا على ذلك. هل تعتقد أن الجانب الأمريكي استوعب قرارنا بالشكل المطلوب، وهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى نوع من الحوار البناء، على الأقل حول ممتلكاتنا في الولايات المتحدة؟

سيرغي ريابكوف: آمل كثيرا أن ينظروا إلى الوضع تماما كما حددته الآن. لم نفعل أي شيء، لم يكن الأمريكيون يعرفونه. هذا أولا، لأننا حذرناهم – بشكل علني وكذلك خلف الأبواب المغلقة. وثانيا، لا يمكنهم أن لا يدركوا أن تدابيرنا هي نوع من تسديد ديون لنا كانت مؤجلة لفترة. وفي 29 ديسمبر من العام الماضي، عندما تم الاستيلاء غير المشروع على المرافق الروسية التي تحميها الحصانة الدبلوماسية، وطردت السلطات الأمريكية دبلوماسيينا من واشنطن وسان فرانسيسكو، حذرنا من أن عدم وجود ردود فعل فورية وقاسية لا يعني أنها لن تكون موجودة من حيث المبدأ.

الآن حدث أنه تم تقليص عدد موظفينا العاملين في الولايات المتحدة وكان ردنا عليه تقليص عدد الموظفين العاملين في السفارة الأمريكية في موسكو والقنصليات الامريكية العامة الثلأث (في بطرسبورغ، ويكاترينبورغ، وفلاديفوستوك) اعتبارا من 1 سبتمير. دعونا نرى كيف سيقومون بتلبية هذا الشرط الصارم. وفي المستقبل اللاحق، سنحافظ على التكافؤ.

لا أعتقد أنه تشكل لدى الأمريكيين أي فهم آخر لتصرفنا هذا ولكن يمكننا أن نفترض أنه الان يفكرون بابتداع ذريعة اخرى جديدة لتأجيج العلاقات وللقيام بخطوات جديدة سلبية في مجال ضمان أنشطة المؤسسات الدبلوماسية الروسية في الولايات المتحدة. إذا حدث هذا فعلا، فسيعني أنهم يرسلون لنا إشارة واضحة على استعدادهم للذهاب إلى المزيد من تسعير العلاقات. لقد حذرناهم مراتد عديدة من مغبة القيام بمثل هذه التصرفات.

أريد أن أغتنم هذه الفرصة لأقوم بذلك من جديد ومرة أخرى. لا سمح الله، أن تقرر واشنطن وتتجرا على شيء من هذا القبيل. في هذه الحالة، رد فعلنا سيكون متوازيا تماما كما في المرآة سوف. ونتيجة لذلك، ستحصل على تدهور كبير جديد في ظروف العمل الطبيعي للمؤسسات الدبلوماسية التي يعتبر عملها في الواقع أول شرط مسبق لأي حوار وبناء علاقات صحية.

وأود الملاحظة أننا نأتي دائما بعد الجانب الأمريكي في مجال اتخاذ الإجراءات والإجراءات المضادة. هم يقومون بخطوة نحو الأسفل، ونحن نفعل ذلك بعدهم. نحن لا نبدأ أبدا بأي شيء سلبي، وفي المجال السياسي الأوسع نحن لا نهدم أي شيء من الموجود.

يجب القول إن آليات الحوار. التي لا تعمل حاليا تم إغلاقها وتفكيكها من جانب الأمريكيين. ونحن نقترح البدء في إعادة بنائها في عدد من الاتجاهات. ولكن لا يوجد جواب حتى الآن. ونحن على استعداد لمواصلة الحوار بشأن سوريا وأوكرانيا وبشان مراقبة التسلح وبشأن عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل. لا يوجد أي موضوع قلنا فيه – “لقد انتهى كل شيء وفات القطار لأننا اتخذنا هذا القانون أو ذاك ولن نعمل معكم بعد”.

ومن الذي يسعى إلى تفاقم وتأجيج الأمور؟ الذي يسمح لنفسه بتصرفات لا يجوز أن يكون لها مكان في العلاقات بين الدول؟ من الذي لا يبدي الصبر والقدرة على التحمل؟ ومن الذي لا يفكر قط بالعواقب؟

لا شك في أن التصرفات الأمريكية هي في الكثير من الجوانب عبارة عن علامة للمنافسة غير المشروعة. وتستخدم أميركا سيطرتها وهيمنتها على النظام المالي الدولي ونظام المدفوعات الدولية وتستغل خصوصية نظامها القانوني، حيث تم وضع المقدمة، سريانها “خارج الحدود الإقليمية”، للضغط على البزنس في أي جزء من العالم – في الصين وأوروبا وروسيا – من أجل الحصول على مزايا غير منصفة وغير نزيهة. ونحن نصطدم مع هذه الممارسات في العديد من المجالات. تحاول الولايات المتحدة إجبارنا على الخروج من أسواق المنتجات العسكرية التكنولوجية. ويعلن المسؤولون هناك علنا أن أمريكا ستناضل من أجل إفشال تنفيذ مشروع نقل الغاز الروسي إلى أوروبا “السيل الشمالي2-” ، وستقف ضد مشروع “السيل التركي” وغيره. ويجري تكرار ذلك بدون حرج أو خجل. كل ذلك ليس إلا عبارة عن تصرفات قذرة عديمة الضمير وغير لائقة بتاتا ولكنها باتت في الوقت الراهن في جوهر “السياسية الروسية” لهذه الدولة العظيمة. ولكن هذا يمكن أن يستمر فقط إلى حدود ما معينة، على الرغم من أننا لا نريد المزيد من تفاقم، ونحن لا نريد حدوث دوامة المواجهة.

أرمين أوغانيسيان: كرد فعل اقتصادي، يقرح بعض الخبراء فرض عقوبات مضادة تشمل فئة الواردا ت الهامة إلى الولايا ت المتحدة من روسيا مثل: واردات التيتانيوم لصناعة الطائرات الأمريكية، واليورانيوم المكثف لمحطات
الطاقة النووية، وا لعدات اللازمة لقطاع الفضاء. هل من المكن تطور الأمور بهذا الشكل؟

سيرغي ريابكوف: يجب علينا أن نضع (ونقوم بهذا) فعلا في مقدمة الأمور ونركز خلأل نشاطاتنا في المجالات الاقتصادية والسياسية، على مصالحنا الوطنية. هنا فعلأ يطبق الثل القائل “قميصك هو الأقرب إلى جسمك”. لا يجوز بتاتا التصرف من مبدأ- المهم توجيه ضربة مؤلمة أكثر مهما كان الثمن. هذا السلوك خاطئ، وبصفة عامة، فإنه سيكون بمثابة انعكاس لنوع من عدم الثقة السياسية بالنفس أو العصبية وهو أمر غير موجود لدينا. لو قمنا فعلا بالتصرف بهذا الشكل فسترى وجود الكثيرين في الكونغرس الذين سيقولون بسرور ورضى: لقد تصرفنا فعلا بشكل صحيح تجاه الروس لأننا فعلا نلنا منهم.

وبرأيي الشخصي: نحن بحاجة للتحلي بضبط النفس والصبر بل وحتى إبداء الصبر الاستراتيجي بدون أي اضطراب. دعونا نتذكر “تقرير أرميل” لعام 1967، الذي ذكر كيف ينبغي لحلف الناتو أن يتصرف تجاه موسكو في ذلك الوقت. الوثيقة تتضمن الكثير من الأمور المفيدة فعلا. دعونا الآن نطبق نهج بيار أرميل على واشنطن اليوم: في رأيي، روسيا بحاجة إلى نهج ثنائي المسار للعلاقات هع الولايات المتحدة.

أولا، الردع deterrence)، هناك حيث نشاهد تصرفات عدوانية من الأميركيين) بما في ذلك التهجمات والمحاولات اللانهائية لإثباط عزيمتنا واضعافنا التي تعج بها نغوس بعض المسؤولين الأمريكيين ببساطة وكذلك هع الرغبة في نشر الواقع والبنى التحتية العسكرية التابعة للناتو في المدول المجاورة لنا، ونشر أعداد كبيرة من الغوات المسلحة مجهزة تجهيزا جيدافي تلك الناطق.

و الجزء الثاني من النهج المزدوج المسار هو الاجتذاب (engagement) أي اجتذاب الولايات المتحدة الى الحوار، ولكن فقط في المجالات التي تكون مفيدة وضروريا بالنسبة لنا. والبدء في الصباح بالتفكير بما نحتاج إلى القيام به لتعزيز أنفسنا، وحماية أنفسنا من الضغوط الأمريكية، والذهاب إلى الفراش مع نفس الفكرة. وربط تصرفاتنا وسياستنا في الاتجاه الأمريكي فقط مع هذه المهام، والعمل بدقة وبشكل صارم في نطاق هذه الاحداثيات. بعد ذلك سنرى. ودعونا نضع هذه المصفوفة المكونة من نهج مزدوج المسارات على “بطانة” الصبر الاستراتيجي٠وهنا أوك أن أكرر أن هذا هو رأيي الشخصي البحت فقط لأن رئيس الدولة في روسيا الاتحادية هو الذي يحدد مسار السياسة الخارجية للبلاد.

أرمين أوغانيسيان: بالمناسبة،القانون،الذي وافق عليه السيد ترامب، يقول أيضا إن العقوبات لا ينبغي أن تتعارض مع المصالح الوطنية للولايات المتحدة، وهذا هو السبب في أن الجانب الأمريكي لم ينسحب من التعاون الفضائي، على سبيل المثال، هم لم يوقفوا التعاون معنا في اطجال الفضائي؟

سيرغي ريابكوف: انهم يعرفون تماما مصالحهم، وهم لا يخجلون أبدا ولا يترددون عن وضع فقرة في وثائقهم يذكر فيها أن الولايات المتحدة ستقوم وانطلاقا من اعتبارات مبدئية بتدمير الدولة “X” ومن ثم في الفقرة التالية يكتبون بدون حرج، إذا قامت دولة “إيكس” بمساعدتنا (أمريكا) في موضوع “Y” فسندعم هذه الدولة أو على الأقل سنجنبها العقوبات. وهذا أمر طبيعي بالنسبة لهم. ومنه بالذات بجب أخذ المثال اللازم للتصرف.

أرمين أوغانيسيان: ما هي الفرص المتاحة والباقية للتعاون الروسي الأمريي وما هو مستقبل اتفاقاتنا لنزع السلاح النووي؟

سيرغي ريابكوف: هذا موضوع في غاية الجدية. ويتطلب هذا الاتجاه التحليل والتخطيط العميق والمناسب لسنوات طويلة مقبلة. لأسف اكديد نحن لا نفهم تماما ما سيكون خط واشنطن في هذا الاتجاه. الوقت يمضي، واقترب موعد الاختبار المسجل في معاهدة ستارت لعام 0120، الذي سيحل يوم 5 فبراير 2018. هناك الكثير من المضاربات والاستغلال والضجة السياسية غير اللائقة بخصوص معاهدة القضاء على الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.

وتجدر الاشارة إلى ان قضايا الاستقرار الاستراتيجي لم تناقش منذ فترة طويلة. نحن مستعدون للحوار في جميع هذه المجالات والاتجاهات،ولكن نريد أن نفهم من سيكون الشريك من الجانب الأمريكي في هذا الحوار، وفي ماذا يكمن جوهر مسالكهم. هناك يجب أن ينجز قبل نهاية العام استعراض السياسة النووية. انها وثيقة هامة، وهي ستتحدث في معظمها عن نقاط الاسترشاد للأمريكيين وعن أفضلياتهم في مجال مراقبة التسلح.

الفضاء الكوني يجب أن يبقى سلميا. ولكن نزعات واتجاهات الفترة الاخيرة في النخبة العسكرية السياسية الأمريكية، وفي تفكيرها، وفي التخطيط العسكري الأمريكي يتشكل ويرتسم مزاج مقلق فعلا . في صفوفهم تظهر أكبر فأكثر “دعوات” للتحرك في اتجاه وضع أسلحة ضاربة في الفضاء الكوني، وتوسيع الاستخدام العسكري للمنشآت الفضائية وغيرها.

ولكن هناك قضايا ومسائل أكثر أرضية بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة ولكن ذلك لا يجعلها بتاتا أقل أهمية. ومن بينها على سبيل المثال، ضرورة صياغة اتفاقية دولية لمكافحة أعمال الإرهاب الكيميائي والبيولوجي. وهذا الموضوع ملح جدا بما فيذك “لارتباطه” بالوضع في الشرق الأوسط.

ولكن حتى الان أيضا لا يوجد رد فعل على ذلك من الجانب الاخر على هذا الاقتراح. يبدو أن الجميع في واشنطن منغمسون في التصدي الذي لا نهاية له للطواحين الهوائية المتمثلة بهذا الشكل أو ذاك للطروح الإعلامية عن “التأثر الروسي” والتدخل الروسي”، غير الموجود والذي لا يمكن له أن يكون. ولن يكون من المكن حقا تعزيز وترسيخ الأمن الدولي إذا استمر الأمريكيون في تآخير العمل الخاص بالأولويات المشتركة. وهذا يتعلق بمكافحة الإرهاب، وعدم الانتشار، والنزاعات الإقليمية وغير ذلك الكثير. ومرة بعد الاخرى تظهر أوضاع وحالات يأخذ بعدها الجميع بالتذكر والاعراب عن الاسف: أه، كان من الضروري أن نبدأ العمل حول هذا الوضوع في فرة سابقة. لا توجد دواعي لانتظار الذريعة بل يجب معالجة هذه المسائل بشكل منهجي. نحن ندعو إلى ذلك، سواء على الصعيد الثتائي أو في المحافل الدولية.

أرمين أوغانيسيان: سيرغي أليكسيفيتش، هل تعتقد أن التعاون بين روسيا والصين والولايات المتحدة حول القضية النووية الكورية الشمالية يمكن أن يكون مثمرا في ظل الظروف الراهنة؟

سيرغي ريابكوف: يجب القول أن الوضع في شمال شرق آسيا في غاية الخطورة وقابل للانفجار. وليس من الواضح كيف سيتطورلاحقا. والسؤال هو كيف نجد النقطة التي تتلاقى فيها مصالح وإمكانيات بيونغ يانغ وواشنطن. وطبعا من المستحيل العثور على حل بناء للمشكلة بدون الموافقة المتبادلة من هذين اللاعبين عنى الرغم من اختلاف الثقافة والمناهج السياسية تجاه الوضع القائم. الوساطة لا تزال ممكنة. وكانت هناك المفاوضات السداسية التي أظهرت فعاليتها في مرحلة معينة. ولقد سمحت هذه المباحثات بالمحافظة على الوضع ضمن إطر محددة, وكانت هناك الوثيقة المعروفة لعام 1995 وغير ذلك الكثير. ولكن، في الوقت الراهن تبدو الولايات المتحدة، كها أفهم، بشكل نظري بحت فقط مستعدة للحوارالمباشر. لقد طرح الجانب الامريكي شروطا غير واقعية للطرف الآخر. وبناء عليه، فإن الجانب الآخر، على ما يبدو، يستنتج لنفسه أنه من الممكن التصدي لهذا الضغط القوي فقط عن طريق مجابهته بعامل قوة معين. هذه هي لعبة خطيرة في رفع مستوى الرهان ولا تؤدي الا الى طريق مسدود.

نحن اقترحنا مخططات محددة للحل. وقام الصينيون بنفس الشيء. والواقع أن هذه المخططات تلخص في ضرورة تجميد الوضع وضمان بقاء الوضع الراهن على الأقل. وبعد ذلك تبدأ تدريجيا عملية فك العقدة وخفض التطلبات الى مستويات ادنى ومن ثم تثبيت الوضع. وهذا أمر طبيعي. في هذا لا يوجد شيء جديد، كل ذلك موجود واستخدم مرارا وتكرارا في حالات مختلفة من الاوضاع الدبلوماسية. ولكن، للأسف حتى الان لم يبدأ هذا المخطط بالعمل.

وبالتوازي مع ذلك اصطدمنا مرات عديدة في مجلس الأمن الدولي وواجهنا المرة بعد الاخرى أوضاع كانت فيها أحجام وطبيعة المتطلبات الامريكية تجاه محتويات وثائق العقوبات، تفتد للواقعية وتغوص بشكل أبعد عن كل “الخطوط الحمراء” الممكنة. ويبدو واضحا أن ممثلى الولايات المتحدة يبدون أقل فأقل رغبة للبحث عن الحلول الوسط مع مرور السنين. وهم يسترشدون أكثر فأكثر خلال العمل في الساحات الدولية بمبدأ “من ليس معنا فهو ضدنا”، وهو ما يعني أنه يجب “كثير ركبة” كل من هو ليس معنا. لا يوجد حديث عن أى حل وسط، ولا أي بحث عن حلول على أساس توازن المصالح. أنهم وعلى ما يبدو، حتى نسيوا كيفية تنفيذ عملية تصحيح النصوص على أساس ثنائي وعلى أساس مشترك والبحث بشكل جماعي مع قلم الرصاص في اليد عن صيغة وعبارات مقبولة بشكل متبادل. في بعض الأحيان يبدو أنهم لا يعرفون كيف يجب القيام بذلك وهو ما يسفر في المحصلة عن المزيد والمزيد من المشاكل. ومن بين عواقب ذلك يمكن ذكر أيضا ضرب وزعزعة هيبة ومكانة المنظمات الدولية. والسؤال هو: كيف يجب علينا التصرف لاحقا؟

أرمين أوغانيسيان: مع كل ذلك، ماهي الفرص الممكنة للتعاون؟

سيرغي ريابكوف: إذا أخذنا ما يسمى بالتحديات العالمية ومن بينها، على وجه الخصوص، أمن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. فيمكن القول إن الحوار المهني المحترف مع الولايات المتحدة في هذا المجال لا يزال يراوح في مكانه بدون أي تقدم على الرغم من أننا أرسلنا مرارا وتكرارا إلى الأميركيين إشارات واسعة حول ما نعتقد أنه صواب وضروري ويجب أن نقوم بتنفيذه معا في هذا المجال.

وهناك العديد من المشاكل الأخرى التي يجب أن يجري حلها بشكل مشترك:: تسوية العديد من النزاعات، والهجرة غير المشروعة، والمسائل المتصلة بظروف عمل البزنس الدولي والوطني، بما في ذلك مع الاخذ بالاعتبار النزعات نحو فرض الحماية الجمركية الوطنية وكذلك الفرض المصطنع للتحقيقات في مجال مكافحة الإغراق. وهذا كله يتطلب مناقشة بناءة.

نحن لسنا دوغماتيين، ونحن نعلم أن الولايات المتحدة لديها مصالحها الخاصة، ونحن نفهم أنه مع ظهور كل إدارة جديدة في واشنطن، تجري هناك عملية إعادة التفكير في النهج والمسلك وتبدأ عملية تحديد الأولويات الجديدة. ولكن في الوقت نفسه، لا يجوز بتاتا شطب كل ما تراكم حتى الآن، ولا يجوز كذلك التضحية في سبيل إرضاء الوضع السياسي الحالي وإرضاء الأفكار المشوهة الخاصة حول العالم من حولنا كها جرى في حالة العلاقات الأمريكية الروسية. الا ان كل نداءاتنا هذه لا تزال مجرد دعوات لا اكثر. وتجري عملية الحوار بصعوبة بما في ذلك حول موضوع يتمتع، كما يقول الأمريكيون أنفسهم، بأهمية بالنسبة لهم، وهو التوصل إلى تسوية في أوكرانيا. لقد عينوا ممثلهم الخاص بأوكرانيا، ولكن الحوار معه لم يبدأ بعد.

أرمين أوغانيسيان: قال الأمريكيون أن روسيا نفسها طلبت تعيين ممثل خاص للرئيس الأمريكي لأوكرانيا. وماذا يعني ذلك وهل سيساعد هذا التعيين في تنغيذ اتفاقات مينسك؟

سيرغي ريابكوف: لقد قال رئيس روسيا مرات عديدة، كما أعلم، للقادة الأمريكيين أننا مستعدون لإجراء حوار مع الجانب الأمر يكي بخصوص الشؤون الأوكرانية وبشأن الحالة في جنوب شرق أوكرانيا، وحول سير تنفيذ، وفي المقام الأول من جانب سلطات كييف، الالتزامات الواردة في ‘ مجموعة اتفاقات مينسك”.

نحن لم نطلب أي تعيين لأي ممثل خاص أمريكي. لقد قيل إنه في غياب مثل هذا النظير، من الغريب أن نسمع من الجانب الأمريكي الحديث بشكل مستمر حول ضرورة الحوار.

وفي عهد أوباما، قامت نائب وزير الخارجية ف. نولاند بتنفيذ هذه المهمات. وحصل السيد فولكر على لقب “الممثل الخاص الأمريكي في المفاوضات حول أوكرانيا”. والحق يقال، لا أفهم فعلا ما نعنيه هذه “المفاوضات بشاًن أوكرانيا”؟. من، ومع من يجري هذه المفاوضات؟ وأعتقد أنه يمكن أن يطرح هذا السؤال على السيد فولكر نفسه، في حال قدم الى موسكو أو الى روسيا.

أرمين أوغانيسيان: في الوقت الراهن هناك الكثير من الاحاديث عن امكانية توريد |هريكا”لاسلحة فتاكة” الى اوكرانيا…

سيرغي ريابكوف: يتم دفع إدارة ترامب بجد في هذا الاتجاه. وأشار السيد فولكر خلال رحلاته إلى أوكرانيا وبلدان أخرى أيضا إلى تأييده لذلك.

أود القول إن المعدات العسكرية والوسائط التي لا يمكنها بحد ذاتها أن تنزل الهزيمة المميتة بمقاتلي الميليشيات، يجري توريدها بالفعل إلى أوكرانيا بكميات كبيرة منذ وقت طويل، وليس فقط من الولايات المتحدة، بل ومن بلدان اخرى كثيرة في حلف الناتو، وليس منه فقط. ويقوم المدربون العسكريون من الولايات التحدة وكندا وبلدان اًخرى بتدريب العسكريين الأوكرانيين على نحو مكثف وتعليمهم كيفية استخدام هذه المعدات والوسائل الخاصة.

ولا شك في أن التوريد المفترض “للأسلحة الفتاكة” سيكون خطوة جديدة نوعيا. هل سيتم فعلا القيام بها؟ في الآونة الأخيرة، نلاحظ نوعا من هذا “الانجراف” من واشنطن في هذا الاتجاه. ولكن اتخاذ قرار من هذا القبيل سيتسبب بتحلورات خطيرة جدا في الأحداث هناك. ومن الواضح، سياسيا، أن “حزب الحرب” في كييف سيعتبر ذلك كدليل قوي على الدعم. ومن الناحية العملية، فإن هذا سيعني زعزعة كبيرة للوضع في جنوب شرق أوكرانيا. وهنا أيضا، نقوم من جانبا بتحليل جميع الظروف بشكل دقيق ومتزن وبدون عواطف، وتحذر واشنطن من من ارتكاب أخطاء دورية جديدة.

الكلمات الرئيسية: العلأقات الروسية الأمريكية، روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية، العقوبات الأمريكية، دونالد ترامب، القانون الناهض لروسيا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*