آماندا..و لا عزاء للديمقراطية

د.حسين الشافعى

د.حسين الشافعى

و العالم مشغول باحتفالات بدء دورة الألعاب الأوليمبية فى بكين فى الثامن من أغسطس الماضى، كانت القوات الجورجية – و على حين غرة – قد بدأت بقصف مدفعى وحشى على شعب أوسيتيا الجنوبية ، و قوات حفظ السلام الروسية المتواجدة هناك منذ 1992 بقرار من الأمم المتحدة.

مئات الضحايا من الأهالى المسالمين سقطت ..و معهم أفراد من قوات حفظ السلام الروسية ما بين قتيل و جريح. التدريب على عملية الإبادة الجماعية – و قد سقط ضحية فيها أكثر من 2000شخص – كان قد بدأ منذ فترة بتهيئة قوات الاحتياط الجورجية و تدريب أكثر من 100 ألف متدرب منها على العملية – بمعاونة  إسرائيلية و تسليح أوكرانى و مباركة العم سام.

هكذا كانت البداية ..

و هى بداية كانت متوقعة  – إلى حد ما –

لكن ما لم يكن متوقعاً هو ذلك الرد الروسى السريع الحاسم 

ساعات قليلة مرت، كان الرئيس الروسى دميترى ميدفيديف قد خرج بعدها – و على إثر اجتماعه بمجلس الأمن القومى الروسى – ليعلن أن روسيا تعتبر تصرفات جورجيا انتهاكاً للقانون و «و لقد قررنا تقديم مساعدات إنسانية للمتضررين». 

و بينما كان ميدفيديف يلقى ببيانه، كان الموقف يزداد تدهوراً. فالقصف تتزايد وتيرته ..والآلاف ينزحون – فى كارثة إنسانية – تحت القصف يبحثون عن ملجأ لهم. و لم يكن ثمة مفر من التدخل.

أرسلت الوحدات الروسية لمنطقة النزاع لصد الهجمات الجورجية على تسخينفالى ونيكوزى ووادى كودورى .

هنا آفاق العالم الأوروبى .. و أمريكا

لم تكن الكارثة الإنسانية التى أحدثتها جورجيا هى ما فض مضاجعهم، لكن اللهث وراء إنقاذ معول من معاول هدم استقرار و أمن روسيا من الهزيمة كان هو  دافعهم.

تناسى الغرب .. و أمريكا بسرعة شديدة الإجابة على سؤال مبدئى و هو .. من بدأ حرب الإبادة العرقية هذه .. و لمصلحة من كانت ؟

طفلة صغيرة من أوسيتيا الجنوبية تعيش بأمريكا تدعى «آماندا» عادت إلى أمريكا قادمة من أوسيتيا الجنوبية عبر موسكو، و شهدت الهجوم الجورجى على بلادها. عند عودتها لأمريكا كان فى انتظارها مئات من أهالى أوسيتيا الجنوبية  المهاجرين لأمريكا، ومعهم حشد من وكالات الأنباء الصحفية لإستطلاع رأيها فيما حدث ببلادها. لكن قناة «فوكس نيوز» الأمريكية الإخبارية كان لها السبق فى حديث تم بثه مباشرة مع «آماندا» .. و بينما يراقب الشعب الأمريكى و العالم باهتمام شديد ما تصرح به «آماندا» إذا بالقناة الديمقراطية «فوكس نيوز» تتدخل لتحجب صوت «آماندا» و توقف البث، بعد أن خرجت الطفلة  الأوسيتية الجنوبية الأصل عن النص المتوقع، و أخذت تشيد بالتدخل الروسى الذى أوقف تطهير عرقى لبنى شعبها.

فالديمقراطية الأمريكية و الغربية لن تسمحا – وعبر قنواتهما – بأى رأىٍ مغايرٍ لما يرونه حتى و إن كان هذا الرأى هو الحقيقة بعينها.

كان هذا الحدث مثالاً فاضحاً لما مارسته أجهزة ووسائل صياغة الرأى العام العالمى، و التى بثت عبر آلياتها – و  فى العالم بأسره – ما تراه فى مصلحتها من أكاذيب و حقائق ملتوية.

لكن …يبقى أن روسيا قد وقفت – بقوة – بجانب حقوق الشعب الأوسيتى الجنوبى ..

و لا عزاء للديمقراطية الغربية .. ولا للأمريكية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*