أمرُ بديهى .. لا يُعْمل به

د.حسين الشافعى

د.حسين الشافعى

  لا يكاد يمر يوم على الصحافة المحلية دون ذكر أمر يتعلق بالقمح الذى تستورد منه مصر ملايين الأطنان – جزءاً منها يأتينا من روسيا – وقد يكونهذا الأمر إما خبراً .. أو حدثاً .. أو حادثة.

الخبر هو أن روسيا قد مرت فى شهور الصيف الماضية بأشد موجات الحرارة التى لم تشهد لها مثيلاً منذ اكثر من 130 عاماً ، وإحترقت ملايين الهكتارات المزروعة قمحاً.. وهو الحدث .. الذى أثار الصحافة المحلية على الشريك الروسى الذى أصبح – هكذا – يتقاعس عن مدنا بلقمة العيش ، ليصبح الخبر والحدث أخيراً حادثة فى حقنا ، فى تجنٍ وإفتراءٍ على المنطق والعقل ، كما هو الشأن فى معالجة أمور كثيرة ، من أهمها القمح ..

منذ عام مضى كانت حادثة أكثر إيلاماً قد جرت بعد رفض السلطات المختصة المصرية الإفراج عن شحنات قمح روسية غير مطابقة للمواصفات وصلت للموانئ المصرية عبر شركة خاصة مصرية . إرتفقعت الأصوات آنذاك تندد بالشريك الروسى الذى يقوم بتصدير قمحه الغير صالح للإستهلاك الآدمى لشريكه المصرى ضارباً عرض الحائط حقوق بالشراكة .. والصداقة.

آنئذٍ لم يلتفت أحد لما صرحت به مصادر رسمية روسية بأن القمح المستورد لمصر فعلاً غير صالح للإستهلاك الآدمى ، لأنه ببساطة قمحُ من الدرجة الرابعة والخامسة . لم يكن المتسبب الوحيد فى هذه المهزلة لم يكن سوى الشركة المصرية الخاصة التى قدمت قمح الدرجة الرابعة والخامسة لمصر على أنه قمح من الدرجة الأولى – بتزوير متعمد فى الشهادات الموثقة للشحنة – لتحقق من وراء ذلك كسباً من فرق السعر يزيد عن % 40 على حساب المبادئ والأخلاق وقواعد البيزنس السليمة.

الأمر الأكثر غرابة أن ما كُشِفَ عنه العام الماضى لم يكن فى سجل الحوادث سابقةً. فالأمر لم يكن ليتطلب من رجل أعمالٍ فاسد – وهم كُثر – أكثر من شهادة مزورة.

مشكلة القمح الأخيرة التى تمر بها مصر تحتاج لقرار قومى بتنفيذ خطة وللدولة تتبنى فيها سياسة الإكتفاء الذاتى والتى نادت بها العقول الوطنية المصرية من علماء ومفكرين وكُتاب وصحفيين ، – والتى بجاهد برفضها كل غير ذى مصلحةٍ  –.

وإلى أن يحين هذا الوقت فعلى الجهات المسئولة أن توقف تلاعب رجال الأعمال بقوت الشعب وتعود لكى تكون هى صاحبة الحق المباشر فى التعاقد لتلبية إحتياجاتها من السلع الإستراتيجية ، وهو أمرُ بديهىُ … غير أنه لا يعمل به.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*