احتفال “جمعية بناء السد العالي”بمناسبة مرور ستين عاماً على بدء العمل في مشروع السد العالي

في احتفال “جمعية بناء السد العالي”بمناسبة مرور ستين عاماً على بدء العمل في مشروع السد العالي

احتفلت جمعية بناة السد العالى باللقاء السنوي للسد العالى وقد حضر الاحتفالية اعضاء جمعية بناة السد العالي والدكتور حسين الشافعي رئيس المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعام  والدكتور مسعد عويس امين عام  المؤسسةوحضر ايضا مسئولين من المركز الثقافي الروسي وبحضور وزير الري الأسبق الدكتور محمود ابوزيد ورئيس مجلس إدارة جمعية بناة السد العالي المهنس صبرى العشماوى .

whatsapp-image-2020-01-12-at-6-06-19-am-1

كلمة الدكتور ” حسين الشافعي ” رئيس المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم”

السادة الحضور:

تعود الأهمية الكبرى لمشروع السد العالي إلى أنه يحقق معنى “إنسان السد العالي” الذي تَجَسَّدَتْ فيه إرادة الشعب وصلابته وتصدية لكل محاولات كسر هذه الإرادة. هذا الشعب الذي لم يجد ـ بعد خذلان أمريكا والغرب له ـ إلّا الصديق السوفييتي، لكي يقف بجواره.

نستدعى ذكريات معركة بناء السد العالي، ونحن نمر بظروفٍ قد لا تكون بعيدة عن تلك الأجواء، وعن تحدي الضغوط ومحاولات فرض السيطرة كما كانت بالأمس، وباختصار، ومن موقع احتكاكي بالعلاقات المصرية ـ الروسية، أقول: إن ما شهدته هذه العلاقات اليوم، من جهود لبنائها على أساس المصالح المشتركة، قد شهدت تقدُّماً في طبيعة هذه العلاقة، وهذا الطور الجديد يحمل فكراً استراتيجيا حقيقياً، ينبني على محاور للعلاقة توفر لمصر تطويراً لقُدراتها الدفاعية التي تُمَكِّنُها من حماية مصالحها وأرضها.

ومصر ـ حسب المصادر الروسية ـ منذ ثلاث سنوات، كانت أكبر المتعاونين مع روسيا في مجال التسلُّح، وبحيث أصبحت قواتها البحرية هي الأكبر في المنطقة.

واستمراراً لهذا النهج الاستراتيجي يأتي مشروع ” الضبعة ” وأُلَخِّصُ عناصره في النقاط التالية:

1- روسيا أفرزت لهذا المشروع أكبر قرض تُخَصِّصَهُ لدولة خارج حدودها، وقيمته 25 مليار دولار، لتمويل إنشاء 4 مفاعلات، طاقة كل منها 1,2 مليار جيجاوات، وبطاقة إجمالية تبلغ 4,8 مليار جيجاوات، وهنا فمن الواجب أن نرفع القُبّعة تقديراً لمتخصصي وزارة الكهرباء المصرية ، وكلهم من خريجي مدرسة السد العالي، ويتشرفون بالانتساب إلى السد العالي كرمز شريف وساطع ومضيء في تاريخ مصر الستينيات، فقد أدار الخبراء المصريون عملية بناء العلاقة مع الجانب الروسي بشأن مشروع المفاعلات، بشكلٍ مُبهر، وبحيث لا تقل شراكة مصر في المفاعل الأول عن 20 %، وتزيد هذه النسبة في المفاعلات الثلاثة الباقية، في التصنيع والتوريدات والانشاءات والمشاركة التكنولوجية بالتدريج، وفي الشهر القادم سيحل الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، ضيفاً على مصر، حيث سيقوم مع الرئيس السيسي بوضع حجر الأساس للمفاعل الأول.

وهذا القرض ـ للعلم ـ فوائده 3% سنوياً، ويُعطى للجانب المصري فترة سماح كافية يبدأ بعدها سداد القرض علي أقساط لا تُرهق الخزينة المصرية، وفترة السماح هذه تمتد إلى أن يتم إنجاز المشروع، وجمع العوائد من بيع الطاقة المُنتجة، وتحصيل 17 مليار دولار منها، ثم يبدأ السداد، وعمر المشروع الافتراضي 60 سنة، وجملة ما يُتوقع أن يحققه مشروع الضبعة لمصر بعد سداد كامل الدين والفوائد المترتبة عليه، يصل الى 260 مليار دولار، صافي دخل للخزانة المصرية، منها 17 مليار، سيتم تحصيلها ـ كما ذكرنا ـ  قبل البدء بسداد القسط الأول للقرض.

والأهم هو حجم مساهمات الجانب المصري من المشاركة في تصنيع وإنشاء المشروع، فقد تعهَّد الجانب الروسي بتطوير إسهام مصر في المكونات العلمية والصناعية للمشروع، وفي أول مناقصات الأعمال الخاصة بالمفاعلات، شاركت 4 شركات مصرية مقابل شركة روسية واحدة، وبعدها شاركت 13 شركة مصرية ولم تشاركه أي شركة روسية، والفضل في ذلك يعود لجهود وزارة الكهرباء المصرية.

كذلك فهناك مُهمة استراتيجية ثانية، وتخص التطور في مجال الفضاء.

وطبقا لتصريحات الخبراء الروس، فمصر تُعتبر دولة من دول الفضاء العالمي، حيث اقتحمت هذا المجال وامتلكت الخبرات اللازمة له.

وفي 23 فبراير 2019 أطلقت مصر قمراً فضائياً من قاعدة “بيكانور” عوضاً عن قمر صناعي سابق، أُطلق في أبريل 2014 وتَعَرَّضَ لظروفٍ أفقدت الاتصال به، وتحمّل الجانب الروسي مسئولياته، وقام بتعويض مصر بقمرٍ جديدٍ أكثر تطوُّراً، وسيكون له تطبيقات تمس حياة المواطن العادي، لكن الأهم دوره في حماية الحدود المصرية البالغة 4000كم، بالكاميرات ونظم الإنذار المُبَكِّر، وفي وجوده لم يعد هناك مجال لاستمرار التعديات على أملاك الدولة، كما أنه يساعد على تطوير الزراعة المصرية.

وإلى جانب هذا، فقد تم إطلاق قمر الاتصالات “طيبه ـ 1” أيضاً أواخر العام الجاري، والذى يحمل مؤشرات جدوى عالية، وعلى سبيل المثال فقد بلغ جملة ما أنفقه الشعب المصري على التليفونات المحمولة، في عام 2018، بما يُقَدَّرُ بـ 45 مليار جنيه لشراء خدمات الشركات العالمية، بينما القمر الصناعي المصري للاتصالات، والذي لم تتجاوز تكلفته 700 مليون يورو، سيظل في نطاق العمل لمدة 15 عاماً، يعنى أن تكلفته أقل من 50 مليون يورو في السنة، مُقابل خدمات يُقدمها للشعب تتجاوز ملياري يورو سنوياً.

ومن هنا فهذا التوجُّه للدولة يُمثل اتجاهاً حميداً، ويحمل مكاسب أكيدة، وجدوى اقتصادية لمصر كبيرة.

وأخيراً، فمن المهم الإشارة الي أن المستقبل لا يُبني بمفاعل وقمر اصطناعي، وحسب لأن تنمية البلاد هي عملية شاملة، نحتاج حتي تنجح، إلي فتح الأبواب أمام الأحزاب والحياة المدنية، لكي تؤدى دورها، وتدلي بدلوها، كما أنه ليس من الحكمة أن يُحَرَّمُ الحديث في “الشأن العام” بالفتوي، لأن ذلك يُعيدنا الي العصور الوسطي .

كذلك فإن نهضتنا تستلزم مزيداً من الاهتمام بقضية التعليم، الذي نستشعر جميعاً أنه “بعافيه”، ويتبقى أن نطرحَ سؤالاً، ونحن مازلنا بصدد الحديث عن المستقبل حول مشكلة “سد النهضة” الأثيوبي. فنحن الآن 100 مليون مصري، ونصيب الفرد في السنة 500 متر مكعب من المياه، وقد أعلن وزير الري الحالي أن مصر دخلت وضع ” الندرة المائية ” فكيف سيكون وضعنا بعد 50 عاماً عندما يصل عددنا الي قرابة 250 مليوناً، أن أي نصيب الفرد سيكون حينئذ بالغ التدني، إضافة الي تخوفاتنا من تداعيات موضوع “سد النهضة”، ولذلك فمن الطبيعي لنا أن نقلق لما قد ينتظر أولادنا وأحفادنا في المستقبل القريب، ومواجهة هذا الظرف أحد مسؤوليات بناء السد العالي، الذين شيَّدوه للأجيال المُقبلة.

سنة سعيدة ، ونحن نستمد طاقة إيجابية من اللقاء معكم، وكل الحب والتقدير لكم جميعاً.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*