وزير الخارجية الروسي، سيرجى لافروف

”أنباء روسيا“ تنشر الكلمة الكاملة لوزير خارجية روسيا أمام مجلس الدوما

ترجمة – منى فرج حامد

نواب مجلس الدوما المحترمون، نقدر إهتمام سيادتكم بالمشكلة الدولية. دائما نتطلع إلى الدبلوماسية البرلمانية كمصدر هام فى مسألة التحقيق المؤثر لخطة السياسة الخارجية لروسيا، وتوطيد الثقة والتفاهم المتبادل فى الشئون العالمية، حيث تهتم وزارة الخارجية بزيادة التعاون مع المجلس الفيدرالى.

اليوم ذلك العمل المنسق مطلوب بصورة خاصة. صار الوضع فى العالم معقداً، وقد تحدث رئيس روسيا الإتحادية  ف.ف.بوتين عن ذلك مراراً، ومن ضمن ذلك فى رسالته للمجلس الفيدرالى وفى المؤتمر الصحفى فى ديسمبر من العام الماضى. يُضيق عبء عدم الثقة المتبادلة إمكانية الردود المؤثرة على التحديات الحقيقة التى تقف أمام المجتمع الدولى .

يتلخص السبب الرئيسى لقضية الوضع الحالى فى  تطلع أنصار النظرية البائدة لسيادة القطب الواحد للحفاظ على هيمنتهم  العالمية بأى ثـمن، فارضين على الجميع هنا وهناك القيم الليبرالية الكاذبة دون حساب  للتنوع  الثقافى- الحضارى للعالم المعاصر.لم تستخدم أبداً مبادئ حرية الإختيار و الإلتزام بحقوق الإنسان بهذه الدرجة من الإستهتار كشعارات لتغطية التوسع السياسي والاقتصادى.

إلى جانب ذلك يستمر العالم فى التطلع نحو التغيير، حيث تجرى إعادة توزيع للقوى الاقتصادية وما يترتب عليه من تأثير سياسي. صارت عملية تشكيل نظام المركزية المتعددة حقيقة موضوعية.

إنعكست التقييمات الروسية للموقف على صياغة جديدة للسياسة الخارجية ، والمصدق عليها من قبل الرئيس الروسي ف.ف.بوتين فى نوفمبر من العام الماضى . وتعتمد على سيادة القانون الدولى، والدور المركزى للأمم  المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، والوثيقة التى تشدد على مكافحة الإرهاب والتطرف. أعير إهتماما كبيراً للمشاركة النشطة فى عمل الهياكل متعددة الأطراف، متضمناً دولة الوحدة بين روسيا وبيلاروسيا،و الإتحاد الاقتصادى الأورو آسيوى، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعى، ورابطة الدول المستقلة ،والبريكس، ومنظمة شانغهاى للتعاون، و ”مجموعة العشرين“. عند ذلك احتفظت بتلك المبادئ المنشأة كالبرجماتية ، والإستقلال ،وتوجه السياسة الخارجية لروسيا ،والذين اثبتوا عملياً تأثيرهم.

انتفض أغلبية المجتمع الدولى على ديمقراطية الحياة الدولية . تتزايد المطالبة بالمسالك الإيدولوجية المتقدمة من قبل روسيا لصالح العمل المشترك ومتعدد الأطراف. يرى أغلبية أعضاء الحكومة بلادنا كضامن للإستقرار، ومركز جذب للجميع الذين يهتمون بتحديد مستقبلهم بإستقلالية.

تواصل الدبلوماسية الروسية العمل للحفاظ على مصالح روسيا، وخلق حد أقصى من الظروف الخارجية الملائمة من أجل توفير الأمن ، وتطوير بلادنا، وسلامة مواطنينا فهذه –  أولوية بلاشك.

أما ما يتعلق بالقضايا الملحة للأجندة الدولية، بالطبع ، يعيروا إهتماماً بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، و كنتيجة لـ ”تصدير الديمقراطية“ ظهر الفراغ المخيف للسلطة. فى ظل عدم الشرعية بالكاد لم تسقط منطقة ضخمة – من ساحل المحيط الأطلنطى حتى أفغانستان فى ”الثقب الصغير“ . إن ماهية الإجراءات التى تتخذها روسيا فى التعاون المتبادل مع البلدان الأخرى  معروفة جيداً.  سوف لن أقف عندها بالتفصيل. أشير فقط إلى أن  المكافحة الفعالة للإرهاب لا يمكن أن تنجح دون إستقرار الشرق الأوسط، دون قرار سلمى فعال للنزاعات فى سوريا ، العراق، لبيا ،واليمن. سنعزز التعاون المشترك مع تركيا وإيران والدول الأخرى للمنطقة  من أجل حل المشكلات المُلحة للأزمة السورية. بفضل الجهود المنسقة قبل كل شئ التى قام بها العسكريين فقد نجحوا فى تحرير مدينة حلب من المتطرفين، ومن ثم تفعيل إتفاق لوقف الأعمال القتالية بناءً على الإتفاقية بتاريخ 29 ديسمبر من العام الماضى.

فى أستانا اجريت لقاءات بين حكومة سوريا و المعارضة المسلحة، وكان من نتائجها انهم اقروا العمل على تنشيط عملية تسوية سياسية طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وفقا لما سبق فإن الوضع فى الشرق يزعج أوكرانيا . أن العقبة الأساسية فى طريق التغلب على الأزمة الأوكرانية الداخلية – هى عدم الرغبة الدائمة من سلطات كييف فى تنفيذ المهام الملقاة على عاتقهم فى مينسك تقريباً منذ عامين. علاوة على ذلك تستمر كييف فى تدبير الإستفزازات العسكرية على الخط الملاصق ، و لم توقف إستخدام  الآلة  الإنتقامية العسكرية.

تبرز  العلاقات مع الشركاء الأجانب، ومن ضمنهم فى ”مجموعة النورماندي“، وكذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية، أنه يحتفظ بالفهم العام للقرارات دون بديل لإتفاقيات مينسك بإجمالها. بالطبع لا يمكن التوصل إلى ذلك دون الحوار المباشر لكييف مع دونيتسك و لوجانسك،كما جاء ذلك فى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2202.

كما  نُعير إهتماماً خاصاً للعملية التكاملية فى دول الإتحاد السوفيتى السابق . نتعاون لتسوية العلاقات الخارجية للإتحاد الاقتصادى الأوروآسيوى فى إطار قرار مبادرة الرئيس الروسي ف.ف.بوتين حول تشكيل شراكة واسعة فى أوروآسيا.

دخلت الإتفاقية حول حرية التجارة بين الإتحاد الإقتصادى الأوروآسيوى وفيتنام فى حيز التنفيذ. وتكتسب المفاوضات لإبرام إتفاقية حول التعاون التجارى –الاقتصادى بين الإتحاد الاقتصادى الأوروآسيوى والصين زخماً.تستمر الخطوات الخاصة بإقتران إنشاء الإتحاد الاقتصادى الأوروآسيوى مع ”الحزام الإقتصادى لطريق الحرير“ . دعم أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا إقتراح الرئيس ف.ف.بوتين حول تطوير الشراكة الأوروآسيوية الواسعة فى القمة التى عقدت فى مدينة سوتشى فى مايو من العام الماضى. حاليا يجرى العمل الفعلى وفقا لنهج  اللجنة الاقتصادية الأوروآسيوية بصورة أكبر من مع  اثنى عشر دولة والإتحادات المتكاملة. اعربت خمسة عشر دولة عن إهتمامها بتنظيم التعاون مع الإتحاد الاقتصادى الأوروآسيوى. وسوف يساعد ذلك على دمج روسيا فى المشروعات التكاملية فى أقليم آسيا-المحيط الهادى، هذا ما يلبى المصالح القومية طويلة الأجل ، وقضية  التطوير المتكامل لسيبريا والشرق الأقصى.

ظلت الخطة الخاصة بتوطيد العلاقات الروسية -الصينية بالشراكة الإستراتيجية دون تغيير، ونحن ننظر إليها كعلاقات نموذجية من أجل الدول الكبرى المستقلة فى القرن الحادى والعشرين.  رسخنا سياستنا وهى التعاون  السياسي الخارجى المتبادل كعامل هام لدعم الإستقرار العالمى، وبما فى ذلك فى الأمم المتحدة .

يظل تعميق الشراكة الإستراتيجية مع الهند وفيتنام ولاوس، وزيادة العلاقات مع الدول الأخرى بمنطقة آسيا والمحيط الهادى هو الإتجاه ذو الأولوية. كان نتيجة ذلك الزيارة الرسمية الأولى بعد احدى عشر عام للرئيس الروسي ف.ف.بوتين لليابان والتى اعطت دفعة كبيرة فعلياً فى جميع مجالات التعاون مع اليابان.

لا يمكن أن يُبنى الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبى على غير مبادئ تساوى الحقوق، والإحترام المتبادل و حساب مصالح بعضهما البعض، وهذه المبادئ  كذلك يجب أن تمثل القاعدة مع جميع شركائنا الأخرين. من المفهوم أنه من أجل تجاوز الخسائر الفادحة التى لحقت بالتعاون الروسي- الأمريكى فى عهد أوباما يتطلب ذلك الوقت والعمل الجاد. أشار الرئيس الروسي ف.ف. بوتين أننا على إستعداد من جانبنا للقيام بتنشيط العلاقات لما فيها من صالح لشعبنا والاستقرار والأمن العالمي. نشارك فى الموقف المعلن للرئيس الأمريكى دونالد ترامب لصالح اقامة التعاون  الطبيعى .

ظهر أرث الإدارة البائدة  للولايات المتحدة  الأمريكية فى الوضع المُحزن للعلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبى، حيث زادت المطالب الخاصة بتطبيع العلاقات مع روسيا فى الدوائر الإجتماعية والعملية . نأمل أن تستطيع بروكسل بتبصر توزيع الأولوليات. تم نقل إقتراحاتنا حول طرق العودة للعقل السليم عن طريق الرئيس الروسي ف.ف.بوتين لرئيس اللجنة الأوروبية ج.ك.يونكير أثناء مقابلته فى يونيو 2016م . بقى فى حيز التنفيذ تفعيل  الإقتراحات المعلقة من قبل بروكسل للجنة التجارية الأوروآسيوية حول علاقات العمل مع  اللجنة الأوروبية.

نتأخذ إجراءات هامة مع الزملاء من الإدارات الأخرى على أعمال الناتو الخاصة بتغيير الوضع العسكرى السياسي فى أوروبا، متضمناً وضع مبادئ جديدة للقدرات العسكرية لحلف شمال الأطلنطى بالقرب من الحدود الروسية، وإنشاء دفاع صاروخى أمريكى عالمى والجزء الأوروبى الخاص بها. إن روسيا- دولة سلمية، إلا أن حب السلام لدينا يعتمد على الإستعداد والمقدرة على توفير الأمن لمواطنينا فى أية ظروف.

تعميق التعاون مع كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا والأرجنتين والبرازيل وجمهورية جنوب أفريقيا ونيجيرياوالسودان واثيوبيا وغينيا واوغندا و الدول الأخرى لأمريكا اللاتينية وأفريقيا وهياكلهم المتكاملة.

نُعير إهتماماً كبيراً لدعم مشاركة قطاع الأعمال الروسي فى مشروعات الخارج، والمشاركة بإستثمارات كبيرة، ونعمل مع شركائنا على منع التمييز و استخدام الطرق غير الشفافة بالنسبة للشركات الروسية .

كما أن الأولولية الثابثة هى – حماية حقوق ومصالح المواطن الروسي و المواطنين الذين يقعوا فى مواقف صعبة خارج البلاد. سنوسع التبادل الدولى الثقافى –الإنسانى، والذى يوجد فى طريق النهضة بأغلبية الدول المقموعة. ندعم الشراكة مع المجتمع الدولى ووسائل الإعلام بما فى ذلك الأخذ بعين الإعتبار ضرورة الرد المناسب على حرب المعلومات المطلقة ضد روسيا. اشار  الإغتيال الخسيس لسفير روسيا فى أنقرة ا.ج.كارلوف مجدداً إلى الضرورة الملحة لزيادة تأمين المؤسسات الروسية الخارجية وموظفيها. بالتنسيق بين الإدارات تم إعداد مجموعة من التدابير والتى لاقت إستحسان من قبل الرئيس الروسي ف.ف.بوتين، وبناءً عليها فقد كلف رئيس الوزارء د.ا.ميدفيديف بذلك. من أجل تنفيذها فأن ذلك يتطلب مصادر  إضافية، ونعتمد فى ذلك على دعمكم.

أن جميع أعمالنا موجهه لتهيئة المناخ من أجل التطوير التقدمى العالمى لروسيا وضمان مصالح مواطنيها. اعتقد أنه بالجهود المشتركة وبتنسيق الأعمال مع الدبلوماسية البرلمانية والاجتماعية، سننجح فى حل جميع القضايا التى تقف أمام الإدارة الدبلوماسية لبلدنا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*