أول مجلة للدراسات العربية الأوروآسيوية

كتبت: سارة حسين

في مبادرة من جامعة قازان الروسية بالتعاون مع المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، ومركز الحضارة والثقافة للجامعة، صدر العدد الأول من ”مجلة الدراسات العربية الأوراسية“، والتي تعكس اهتمام دول الشرق الواقعة في أوروبا وآسيا بدراسة التراث العربي الإسلامي.

تُصدر المجلة بأربع لغات (العربية، الروسية، الإنجليزية، والتاتارية)، وتعد أحد المصادر الهامة؛ لتطوير معرفة الروس بالعالم الإسلامي والثقافة العربية الإسلامية، وتعمل المجلة على دعم صلات التواصل الروسي مع بلدان الجوار الإسلامية والبلدان العربية.

تضمن العدد الأول من المجلة مقالة للدكتور حسين الشافعي، رئيس المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، أشار فيها إلى أن بدء معرفة روسيا بالشرق العربي المسلم كانت من خلال رحلات الحجاج المسيحيين إلى الديار المقدسة، واتسمت هذه المعرفة آنذاك بالوصف، ولعله من أوائل التجار الذين زاروا بلاد الشرق  ( أفاناس ينكيتن لثمان سنوات وألف كتابا عنها ( الرحلة الواقعة وراء ثلاثة بحور ) .

لكن ما شكل مصدرًا هامًا من مصادر معرفة الروس بالعالم الإسلامي والثقافة العربية الإسلامية كانت الشعوب المسلمة المجاورة لروسيا، كما أن صلات روسيا مع بلدان الجوار الإسلامي _ وانضمام بعضها لروسيا _  زاد من الرغبة في هذه المعرفة .

واذا كانت معرفة العالم الإسلامي في أوروبا الغربية ارتبطت، في بدايتها، بمشروعها الاستعماري، وبعداء الكنيسة للإسلام باعتباره تحديا وخطرًا، فإن الدراسات الشرقية كانت لعالم قريب يتعايش الروس معه، وبينه.

فحسبما يرى أغناطيوس كراتشكوفسكي ( 1851-1983) فإن العصر الجديد في تاريخ الاستعراب الروسي يبدأ من مرسوم 1804، حيث أدخل هذا المرسوم تدريس اللغات الشرقية في المدارس العليا، وأسس أقسامًا خاصة للغات الشرق.

وأشار الشافعي في مقدمته لمجلة الدراسات العربية الأوراسية إلى أن الحكومات الروسية قد شجعت على الدوام دراسة التراث العربي الاسلامي، إذ كانت المصادر الثقافية العربية ركنا أساسيًا من مصادر معرفة شعوب القوقاز وآسيا الوسطى، وهو ما شكل التحاما ثقافيا إذ (كنا نعيش جنبا الى جنب، وكانت معارفنا تزداد بهذا التعايش عمقا).

ومع ظهور أول ترجمة للقرآن الكريم (1716) للغة الروسية قام بها بيوتر بوستينكوف، بدأ ظهور دراسات شرقية عميقة ساعد عليها ظهور مطبعة عربية في 1722، تردد على روسيا علماء مسلمين كان منهم جمال الدين الأفغاني (1897-1838) والذي قضى عدة سنوات في سانت بطرسبورج، وبدأ تدريس اللغة العربية بأساتذة عرب حتى وصول الشيخ عياد الطنطاوي كأول معلم للعربية بسانت بطرسبورج (1861-1847) بعد أن كان تدريسها بمعلمين من فرنسا وبولندا.

ومع تأسيس جامعة قازان مطلع القرن التاسع عشر، صار الاهتمام بدراسات الشرق أكثر تبحرًا، بعد أن جلب الرحالة التتار في رحلاتهم للدول العربية الكتب والمخطوطات التي تعد أحد ركائز مكتبتها الكبرى، والتي تزخر بآلاف المخطوطات من الشرق.

العلاقات بين الدول العربية والإسلامية، وبين روسيا هي علاقات متعددة المستويات، وهي تشهد في الآونة الأخيرة تطوراً لمساراتها التي تتخذ مواقف مبدئية من دعم لحقوق الشعب الفلسطيني، للحرب على الإرهاب .

الذي يتخذ من الدين الإسلامي عباءة له (وفي هذا الصدد نشير إلى صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في روسيا عام 2003 باعتبار جماعة الإخوان المسلمين وتنظيماتها المسلحة جماعة إرهابية قبل أن تنتبه دول عربية كثيرة لخطر  هذه الجماعات الإرهابية بسنوات).

كما أشار الدكتور حسين إلى أن موقف روسيا المبدأي من الحرب الإرهابيـــة في سوريا، والتـي كلفتها الكثير متحدية المجتمــع الغربــي / الأمريكي الداعم للمعارضة المسلحة، كان منسجمًا مع المواقفالروسية التي رفعت شعارات للوقوف في وجه عالم أحادي القطبية.

وأوضح أن جامعة قازان هى ثاني أقدم الجامعات في روسيا الاتحادية، حيث أنشئت في مطلع القرن التاسع عشر، كما أن مكتبتها تزخر بآلاف المخطوطات العربية. والجدير بالذكر أن مجلس قازان الفدرالية كان قد تم اختيار دكتور حسين الشافعي، رئيس المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، رئيسًا لمجلس التحرير لمجلة الدراسات العربية الأوراسية؛ تكريمًا لمساهماته المؤثرة في دعم التواصل الثقافي والعلمي العربي الروسي من خلال نشاطات المؤسسة ودار نشر أنباء روسيا، التي أصدرت أكثر من مائة وخمسين كتابًا مترجمًا من الروسية والعربية. الدكتور حسين الشافعي، الحاصل على وسام بوشكين من اتحاد الكتاب الروس “للصدق في القول والفعل”.

والجدير بالذكر أن العدد الأول من المجلة تضمن عدة مقالات هامة من بينها مقالة ”كياميليف س.خ.“ حول تحسين نظام الترجمة الصوتية للنصوص الجرافيكية العربية، ومقالة ”رحيم علي الفوادي“ التي كُتبت تحت عنوان الجامع اللغوي في العربية، و”أندرإياسيان أ.ك.“ حول تفسير الفعل في التقاليد النحوية العربية والأرمنية )في سياق التأثير اليوناني، ومقالة ”ماغوميدوف م. إ.، ماغوميدوفا ب.م.“ بعنوان بعض جوانب نقل العامية العربية عند ترجمتها إلى اللغة الروسية، و ”مينغازوفا ن.ع.، زاكيروف ر.ر.، سوبيچ ف.غ.“ الجمل المركبة في سورة البقرة من القرآن الكريم: الموقف الوظيفي، ومقالة ”سوفوروف م. ن.“ رواية تاريخية في الأدب الحديث في اليمن، و ”إيبرأغيموف إ.د.“ المحتوى التعليمي المنهجي والموضوعي لنموذج المستوى لتدريس اللغة العربية، ”موخاميتزيانوف إ.م.، رأخيموف إ.أ.“ طرق وأساليب تدريس اللغة في إطار الدورة الخاصة في المدارس الثانوية في قازان.

وتعد مجلة الدراسات العلمية الأوراسية مجلة علمية مُحكَّمة، تصدر فصليًا (أربع مرات في العام)، ويتم طباعتها بمصر، وقازان في الوقت نفسه. كما أن المجلة ترحب بالتعاون مع المعاهد والجامعات والهيئات البحثية والمكتبات العامة بالمشاركة في نشر المقالات والبحوث العلمية ذات الصلة بموضوعات ثقافية العربية والإسلامية ودول أوروبا وآسيا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*