علماء الفضاء يكتشفون”مصنع جزيئات“ في محيطات الثقوب السوداء

 

كتب: محمد مجدي.

جاء في مقال نشرته مجلة مينراس أن العلماء اكتشفوا بشكل غير متوقع وجود جزيئات معقدة التركيب في محيطات الثقوب السوداء، الأمر الذي يعارض بشكل مباشر التصورات الحديثة حول سلوك هذه الأجسام، وعن تأثيرها على عمليات تشكل النجوم الجديدة في المجرات.

صرح إلكسندر ريتشنجز من جامعة نورث ويسترن في إيفانستون: ”عندما يلتقط الثقب الأسود ويمتص الغاز الموجود في المجرات المحيطة به، فإنه (الغاز) يسخن إلى أن يصل إلى درجات الحرارة التي يصبح عندها وجود أي نوع من الجزيئات  مستحيلا. بعد حساب سلوكه (الغاز) عن طريق نماذج الكمبيوتر، وجدنا أنه في ظل ظروف معينة يمكن أن يبرد الغاز، ويشكل مجموعات معقدة جديدة من الذرات“.

وكما يعتقد علماء الفلك اليوم، فإن جميع الثقوب السوداء الهائلة وأبناء عمها العاديين محاطون بقرص مزود، وهو عبارة عن تراكم حلقي للمادة يأخذ شكل ”خبز البوبليك“ الفريد، ويتكون من بقايا حطام الكواكب والنجوم. وفي هذه الحالة، إذا كانت هذه المادة وفيرة، يطرد الثقب الأسود جزءًا من الغبار والغاز على هيئة محركات نفاثة، وحزم رقيقة من الغاز تقترب سرعتها من سرعة الضوء، وتبعث كميات هائلة من الطاقة في شكل ضوء وأشعة سينية.

وتبين الحسابات النظرية الحالية أن المادة في القرص المزود يجب أن تكون متوهجة بفعل درجات الحرارة العالية المتولدة من احتكاك ذرات الغاز والغبار بعضها ببعض، من خلال المجالات المغناطيسية القوية، وغيرها من العمليات المرتبطة بدوران القرص المزود فائق السرعة. وبسبب مثل هذه الظروف، يعتقد العلماء أن جميع المواد المتجمعة في الجزء الأقرب من القرص، تمثل خليطا من الذرات والأيونات غير المترابطة غير القادرة على التكثف وفقدان الحرارة بسرعة.

اكتشف ريتشينجز وزملاؤه أن هذا ليس هو الحال دائما؛ من خلال دراسة سلوك ما يسمى ب ”رياح الثقوب السوداء“ ، وهي عبارة عن تيارات غازية قوية تنتج عن تفاعل النفاثات والمواد بين النجمية المجاورة لها. وفي الآونة الأخيرة اكتشف علماء الفيزياء الفلكية أن هذه الرياح تحتوي على كميات كبيرة من الهيدروجين المحايد وحمض الهيدروسيانيك والعديد من الجزيئات الأخرى، الأمر الذي دفع العلماء للتفكير: كيف استطاعت البقاء؟

وكما وضح العلماء فإن هذه الجزيئات ”المستحيلة“ لها أصل مختلف بشكل أساسي، فهي لم تنتج عن طريق ”الاصطدام أو الالتقاء“ بنفاثة الثقب الأسود، ولكنها نشأت داخل مادته، بعدما تبردت إلى درجات حرارة منخفضة بما فيه الكفاية.

وبالمثل وفقا لحسابات فريق ريتشينجز، يمكن أن يظهر أكثر من 150 نوع جزيئات مختلفة داخل مادة النفاثات، وكما لاحظ الباحثون أن كتلة هذه الجزيئات كافية للكشف عن جذور جميع الخصائص الغريبة لانبعاثات الثقوب السوداء.

على سبيل المثال: تفسر حسابات الباحثين الأمريكيين جيدا لماذا تشكلت النجوم الجديدة بنشاط على مشارف انبعاثات الثقوب السوداء، الأمر الذي كان يُعد مستحيلا سابقا، ولكن مع ذلك سُجلت في العام الماضي باستخدام أدوات التلسكوب Alma ملاحظات مجموعة مجرات SPT-CLJ2344-4243 في كوكبة فينيكس.

كما ذكر رتشينجز وزملاؤه أن الأساس النظري لهذا الشذوذ: هو حجة خطيرة خطيرة أخرى لصالح نظرية أن النشاط المفرط للغاية الناجم عن الثقوب السوداء الهائلة لا يمكن أن يخنق المجرات وحسب، حارمًا إياها من مواد بنائها اللازمة لخلق نجوم جديدة، ولكنه أيضا قادر على تجديد شبابها، مما يجبرها على خلق نجوم جديدة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*