تاريخ الشيخ “محمد عياد الطنطاوي” أول معلم للعربية في البلاد الروسية

كتب: تامر المنشاوي

unnamed-3

يعتبر الشيخ “محمد عياد الطنطاوي” أحد أهم  العلماء الذي ساهم في أدخال اللغة العربية إلي روسيا ولقد ولد عام 1810 في قرية نجريد بطنطا وقامت “المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم” بإصدار عدد من الكتب ومنها: “من تراث الشيخ “محمد عياد الطنطاوي” أول معلم للعربية في البلاد الروسية”، و”مخطوطة تحفة الأذكياء بأخبار بلاد الروسيا” الجزء الثاني، وقام بتقديمه الدكتور “حسين الشافعي” رئيس “المؤسسة المصرية للثقافة والعلوم”، ولقد نظمت ” المصرية الروسية ” عام 2016  احتفالية شعبية بالشيخ المعلم “محمد عياد الطنطاوي” في قريته نجريد مركز بسيون بمحافظة الغربية، وذلك بحضور “حلمي النمنم” وزير الثقافة الأسبق و “سيرجى كيربيتشينكو” سفير روسيا بمصر، ولقد نظمت المؤسسة برئاسة الدكتور “حسين الشافعي” احتفالية وتكريم الشيخ الطنطاوي بالتنسيق مع مكتبة الإسكندرية، ومركز تاريخ مصر المعاصر، وجمعية حماة اللغة العربية ،والمركز الروسي و مركز التراث بدار الهلال، وذلك تكريماً لذكرى الشيخ المعلم “محمد عياد الطنطاوي” ولقد وضعت الظروف الشيخ محمد عياد الطنطاوي إلي أن يسافر إلي روسيا وأمضي حياته أستاذا للغة العربية، ويروي الشيخ “الطنطاوي” القصة كاملة في كتابه تحفة الأذكياء بأخبار مملكة الروسيا ويقول: “ومن حيث أن سعادة الوزير الروسي مفتن بإحياء مدرسته “مدرسة الألسن الشرقية” فلهذا لما توجه جناب الكونت ميدن إلى الديار المصرية كلفه بالتفتيش على معلم عربي للمدرسة، ومن حيث أني تعرفت بجنابه بواسطة المسيو فرنيل الذي طالع معي كتباً عربية أدبية وتاريخية، واكتسب في هذا اللسان مهارة المعية، بسبب كثرة صحبة العرب، طلب مني الذهاب. وبعدما رضيت استأذن لي جناب الكونت من حضرة الباشا عزيز مصر، وحامي ذمارها ومؤمنها فأذن لي وطلب حضوري. فمثلت بين يديه، فأمرني بالجلوس، فامتثلت أمره المأنوس، ثم حضني على أن أتعلم لسان الروسيا، ووعدني بالإكراء إذا تعلمته، لأنه مشغوف بجلب الألسن الغريبة إلى بلاده، ولذلك ترى في مدارسها نجابة التلاميذ خصوصاً في اللسان الفرنساوي، وكتب لي مرسوماً.”

download-3

وقد غادر “الطنطاوي” القاهرة عام 1840، وكان السفر عن طريق النيل إلى الإسكندرية، ومن هناك ركب الباخرة، وقد وصل إلى أوديسا على ساحل البحر الأسود يرافقه تلميذه السابق موخين، ومن هناك غادر إلى كييف، ثم واصل رحلته بعد ذلك ليصل إلى سانت بطرس بورغ مايو سنة 1840م من ذلك العام كان قد غادر مصر في آذار/ مارس من السنة نفسها فيكون قد قضى في طريقه نحو سبعين يوماً.

وبدأ “الطنطاوي” عمله بإلقاء محاضراته في كلية اللغات الشرقية بسانت بطرسبورغ في أوائل أغسطس من ذلك العام، وظل يعمل في التدريس خمسة عشر عامًا لم يغادر فيها روسيا منذ قدومه إليها إلا مرة واحدة عام 1844، زار خلالها القاهرة وطنطا واهتم بجمع المخطوطات الشرقية واصطحب معه زوجته علوية وابنه أحمد.

لم يقتصر دور الشيخ “الطنطاوي” علي التدريس فقط بل انه عين مستشاراً في الدولة الروسية، وقلده القيصر وسام ستانيسلان ووسام القديسة حنة، بسبب امتياز التلاميذ في البحث. كما قلده القيصر خاتماً مرصعاً بالألماس الغالي وجمع الطنطاوي في تدريسه بين الطرق العملية والنظرية، فمن جهة كان يدرّس قواعد اللغة، ويشرح أمثال لقمان، ويقرأ قطعًا من مؤلفات تاريخية، ومن مقامات الحريري، كما كان يدرّس الترجمة من الروسية إلى العربية، والخطوط الشرقية، وقراءة المخطوطات، والمحادثة باللغة العربية، وزاد على ذلك عام 1855 تدريس تاريخ العرب.

download-4

عانى الشيخ “الطنطاوي “في سبتمبر 1855 شللاً أصاب أطرافه السفلى، ثم امتد هذا إلى يديه. ومع ذلك فقد ظل يعمل، بقطع النظر عن الصعوبات المرضية متسلحاً بإرادة حديدية، لكنه خضع للضعف العام الذي ألم بجسمه إلى أن استعفي من الخدمة في 31 يناير عام 1861 م، ووري الثرى في مقبرة فولكوفو الإسلامية، وكتب على شاهد قبره: “هذا مرقد الشيخ العالم محمد عياد الطنطاوي، وكان مدرساً للغة العربية في المدرسة الكبيرة الإمبراطورية بسانت بطرسبورغ المحروسة وتوفي في 29 أكتوبر 1861 م.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*