عناصر القوة الحقيقية .. تنطلق من الذات

د.حسين الشافعى

د.حسين الشافعى

  غالبية المواطنين الروس أصبحوا على قناعة بأن نمط الحياة الغربي لم يعد ملائماً لروسيا، وصارت هذه الأغلبية متيقنة من أن على الروس التمسك بخصوصيتهم. كان هذا ما نشرته صحيفة «نوفيه إزفيستيا»   الروسية مستندة على نتائج استطلاعٍ للرأى أظهرت نتائجه أن ما يزيد عن 80 % من الروس يرون أن نمط الحياة الروسي بحاجة إلى الحماية من المؤثرات الخارجية.

تعليقاً على نتائج هذا الاستفتاء تذكر الباحثة الاجتماعية «يلينا باشكيروفا» أن نمط الحياة الغربي الذي شاع في روسيا على مدى العقدين الماضيين لم يجلب أي نتائجٍ إيجابية، من هنا بدأ الروس يحنون للعودة إلى خصائصهم القومية.

المراقبون كانوا قد رصدوا – مع بداية التسعينات – تعاظماً للتوجهات نحو النموذج الأمريكي – الغربي في روسيا. لم يكن انتشار محلات الوجبات السريعة ومحلات الصرافة وبيع البضائع – ذات القيمة النفعية المحدودة – وصالات القمار وانتشار نظم البيع بالتقسيط ذو نسب الفائدة الباهظة، لم يكن ذلك إلا ظواهر لتفشى هذا النمط الجديد، والذى لاقى انتشاراً كاسحاً آنذاك.

لقد حاول الروس – بعد زوال الانبهار الذي أحدثته هذه المظاهر – التأقلم مع هذه الأنماط الاستهلاكية، إلا أنه، ومع مرور الوقت – كما يرى عالم الاجتماع «ألكسي موخين» – تكشف لهم الوجه القبيح في هذه الأنماط المتمثلة في نظم للاقراض مُجْحفة، ولغة مخاطبة للمجتمع الاستهلاكى تستفز رغباته ، وتفقده توازنه.

تبين للروس بعد أقل من عقدين من الزمان أن أحد أهم أسباب قوتهم يمكن أن تَكْمن فى تمسكهم بأصولهم وعاداتهم الاجتماعية، وهي بالمناسبة كانت سبباً من أسباب فخرهم بروسيتهم، فالروس ذوى الريادة فى الآداب والثقافة والفنون وفي العلوم لم يصلوا إلى هذه الريادة بخواءٍ ومحاكاةٍ للغرب، بل اعتماداً على تراثٍ إنسانيٍ ضخمٍ توارثته الأجيال.

عناصر القوة الحقيقية لأي مجتمع يجب البحث عنها.. لكن يظل من أهم مكوناتها الحفاظ على الثراء الذاتي.. والتراث الاجتماعي والأخلاقي وتفعيلهما.

هذا ما يفعله الروس الآن.