إنهيارات النظام الاقتصادى العالمى..وروسيا

د.حسين الشافعى

د.حسين الشافعى

  يشهد النظام الاقتصادى العالمى انهياراً ضخماً لبنيته ظهرت انعكاساتها على دول العالم قاطبة ، و بدأت نتائجه تهوى بالبورصات و الاحتياطات الإستراتيجية للدول ، لتصبح (هذه الدول) عارية لايكسو كياناتها إلا أوراق مالية و سندات فقدت قيمتها.

على  الذاكرة أن تستعيد مقدمات هذا الانهيار ، حيث شهدت عشرات السنون الماضية لهذا النظام العالمى الجديد سياسات خارقة فى بؤر كثيرة من العالم أدت  – كما نرى – إلى ظهور مقدمات هذا الانهيار . فمع زيادة الهوة بين الشمال و الجنوب كانت انتهاكات صارخة لحقوق الدول و سيادتها فى آفغانستان و العراق ، إلى جانب فرض سياسات الأمر الواقع و دعمها فى فلسطين المحتلة ، إلى التردد ما بين فرض سياسات دمقرطة الشعوب و مابين رفض خيارات هذه الديمقراطية و عدم الاعتراف بنتائجها – كما حدث فى الجزائر و فلسطين.

و لقد وصلت تجاوزات هذا النظام أقصاها فى حرب أعلنها ضد ما أسماه بالإرهاب ، و اللعب بالنار بافتعال حرب ضد الإسلام و المسلمين و الوصول بما بدأه  هذا النظام من حوار بين الحضارات إلى مأزق لايرى منه مخرجاً فى الوقت القريب.

تواكبت هذه السياسات فى مساراتها مع انهيار الاتحاد السوفيتى ، و بدايات التعافى لروسيا إلى جانب ظهور بعض الاقتصادات الآسيوية التى أكدت للبشرية أن تطور المجتمعات و تعافيها لا يرتبط فقط بالنموذج الرأسمالى الغربى/ألامريكى ، و إنما يمكن إدراكها بأنماط مختلفة للنمو تلعب فيها مؤسسات الدولة دوراً حاكماً فى السيطرة و التنمية ، و يحكم هذا النمو قواعد الاحترام للدول و القانون الدولى.

لقد بدأت – و منذ زمن – تداعيات انهيار النظام الرأسمالى العالمى ، و ما الأزمة الاقتصادية التى يواجهها العالم الآن أحد أوجه هذا الانهيار.

على الوجه الآخر .. كانت الدعوة القوية التى وجهها الرئيس بوتين (آنذاك) فى مؤتمر ميونيخ للأمن الدولى بضرورة إعادة صياغة النظام العالمى الذى يحكم العالم بعد أن أصبح يسوده العنف و الانتهاكات ، هى نفس الدعوة التى كررها الرئيس ميدفيديف فى خطابه أمام مؤتمر ميونيخ مؤخراً.

السياسات الدولية الأوروأمريكية حاولت جاهدة إستبعاد روسيا – ومعها دول آسيوية أخرى – من معادلة التأثير الدوليبل و ساهمت فى زعزعة الاستقرار العالمى بالقرب من مكمن الدُب..و من حوله.

و لعل فى الاستجابة الديناميكية الروسية للإنتهاكات الأوروأمريكية المخططة فى أوسيتيا الجنوبية أخيراً شاهد على أنه – ومن الآن – لن يكون العالم مرتعاً تصول فيه القوة دون رادع .

لقد استيقظ العالم على انهيار المنظومة الأوروأمريكية غير الإنسانية لقيادة العالم ..ولا مفر من نظام يحمى مصالح الجميع …وإلا فالانهيار على الجميع قادم.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*