الديمقراطية على النمط الروسى ..خيارٌ لا رجعةَ فيه

د.حسين الشافعى

د.حسين الشافعى

  حسمت إنتخابات مجلس الدوما الروسى أحاديث كثيرة كانت تتردد على الساحة ما بين مزايدةٍ و مشككةٍ ، و حصد حزب الرئيس فلاديمير بوتين ما يستحقه من أصوات الناخبين.

و بعيداً عن الإنتخابات و نتائجها المتوقعة ، فثمة موقفين من تداعيتها لفتا الإنتباه ، أثار أحدهما الإحترام، و أثار ثانيهما إستغراباً شديداً.

فما أثار الإحترام كان ما أعلنه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين – فور ظهور نتائج الإنتخابات ، و التى شغل فيها حزبه 315  مقعداً من إجمالى مقاعد الدوما و عددها 450  مقعداً من أن «هذه الثقة التى حصلنا عليها من الشعب إنما تمثل بنفس القدر أمل ناخبينا فى تحقيق برامج التطور و التنمية للمجتمع» الموقف الآخر هو ما أعلنه الإتحاد الأوروبى فى إطار تقييمه اللإنتخابات الروسية من أنها «لا تتوافق مع المقاييس الأوروبية اللإنتخابات » فى إفصاحٍ بَين ، يكشف عن عدم إرتياح أوروبى لخيار الشعب الروسى الديمقراطى، ربما عكس قلقاً من إستمرار السياسة الخارجية لروسيا و التى لا تشهد إنسجاماً كاملا مع منطلقات الإتحاد الأوروبى.

من ناحية أخرى فقد كانت تأكيدات بوتين على أن الخطة الإستراتيجية  لروسيا سوف يكون فى أولوياتها أن تستمر سياسة تحسين الإقتصاد الروسى خلال السنوات القادمة ، لينتقل به من قائمة أكبر عشر إقتصاديات فى العالم إلى قائمة الأقتصاديات الخمس الكبرى مؤكداً أن ما حققه النظام السياسى الروسى من نجاحات على مدى السنوات الماضية دَعّمه تطور إقتصادى كبير، إرتكز على تطوير و تحديث البنية الصناعية العملاقة جنباً إلى جنب مع نمو هائل فى قطاعى الغاز و البترول.

لعل من المؤشرات على ذلك التطور ما سجلته الإحصاءات الرسمية من إرتفاع مجمل فائض الإحتياطى الروسى ليقارب 450  مليار دولار.

لقد أفلح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إستنهاض همة الدب الروسى ، و ذلك بتعميقه ترسيخ الديمقراطية و مؤسساتها، و إتخاذها سبيل الحكم الوحيد ، ثم إستغلال الإمكانات المحلية لأحداث تطور إقتصادى ملموس تنعكس نتائجه أولاً بأول على المجتمع ، و قد كان فى ذلك رهان بوتين الناجح على الشعب.

فى إطار آثار الفوز فى إنتخابات الدوما يأتى أيضاً إعلان الرئيس بوتين و بعض الأحزاب الأخرى إلتفافهم حول ترشيح ميدفيديف لرئاسة روسيا فى الإنتخابات القادمة مارس 2008، و ما أعقبه من إعلان ميدفيديف بدورة عن رغبته فى أن يترأس بوتين – فى حال نجاحه – رأس السلطة التنفيذية الروسية كرئيس للوزراء ، ضماناً – من ناحية – لإستقطاب الشعبية الجارفة لبوتين فى دعم شعبى للكرملين فى المرحلة القادمة، و كذلك للحفاظ على ما تحقق من إنجازات داخلية و خارجية للسياسة الروسية – من ناحية أخرى.

إنه درس فى الديمقراطية على النمط الروسى ، و التى تستهدف – على ما يرى المراقبون – تأكيد طرح روسيا كنظام سياسى ناجح..مستقر..متطور..مؤثر.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*