زيارة بوتين للقاهرة .. ما بين الصخب الإعلامى .. والمصالح المشتركة

د.حسين الشافعى

د.حسين الشافعى

  منذ آخر زيارة للرئيس الروسى ديميترى ميدفيديف لمصر فى يونيو 2009، لم تحظ زيارةٍ لرئيسٍ روسى لمصر بإهتمامٍ مثلما حظت زيارة فلاديمير بوتين هذه . فعلى مدى أشهرٍ عديدة لم يكن ليمر أسبوع أو نحوه إلا بخبر عن موعد لهذه الزيارة، واجتهادات بجداول المباحثات. وجارت الأوساط الدبلوماسية – هنا وهناك – إهتمامات الرأى العام المصرى بضرورة وأهمية هذه الزيارة، فكانت تخرج تصريحات رسمية بقرب موعدها، حتى حان وقتها.

لماذا كل هذا الإهتمام الإعلامى بهذه الزيارة ؟، وهل هناك على أجندتها ما يمكن أن يبرر كل هذا الصخب حولها ؟

  بداية .. أستطيع أن أؤكد أن روسيا الرسمية كانت قد تحفظت فى ردود أفعالها عقب ثورة 25 يناير 2011 ، ولم تنجرف لبيانات تعارض .. أو تؤيد ما حدث. يرى العديد من الخبراء والمحللين الروس أن أحداث 25 يناير 2011 – وما تلاها – لم يكن بمنأى من تدخلاتٍ قوى دولية ، ساهمت بشكلٍ – أو بآخر – على أن تتطور أحداث 25 يناير لتنتهى بفوضى (خلاّقة) انتزع بها التيار المتدين (الإرهابى) مقاليد الحكم .

  كان حكماً للمحكمة الروسية العليا قد حسم موقف روسيا من جماعة الإخوان المسلمين، وصنفها منذ 2003 كجماعة إرهابية – ضمن إحدى عشرة جماعة تتخذ من الإسلام ستاراً – نتيجة ما ارتكبته أذرع هذه الجماعة من جرائم داخل روسيا الاتحادية .

رغم ذلك .. استقبلت روسيا الخائن محمد مرسى بعد أن اعتلى كرسى الرئاسة من منطلق أن مصر دولة كبيرة … وأكبر حتى من أى شخصٍ يمثلها ، حتى لو كان كمرسى .

  لكن الموقف الروسى بعد 30 يونيو 2014 لم يكن كسابقه. إذ سارع الروس بإعلان موقفهم المبدئى من دعم الإرادة الشعبية التى ثارت على نظام الإرهاب ، وطالبت بعودة الإدارة المصرية إلى من يؤتمن عليها. فاستقبل بوتين السيسى وزيراً للدفاع مرة – لم يخفْ فيها تمنياته له بالتوفيق كمرشح رئاسى – ثم استقبله مرة أخرى كرئيس منتخب بإجماعٍ للدولة المصرية .

  الملفات التى جرى العمل على إعدادها لمناقشتها خلال هذه الزيارة كانت عديدة ، ومهمة . ملف التعاون العسكرى المصرى لا شك يمثل إحدى الأولويات، فقد جرى التنسيق وبدعم عربى كريم – تمويل صفقات لاقتناء منظومات دفاعية جديدة تسمح للبلاد أن تحمى حدودها من أية أخطار محتمله .

  الأيام الأخيرة قبل الزيارة كانت قد شهدت إجتماعات اللجنة المشتركة للتعاون الفنى – العسكرى بين البلدين بالقاهرة، وهى الاجتماعات التى صاغت محاور التعاون الإستراتيجى العسكرى ، ويعمل الجانبان الآن على صياغة الإتفاقيات التى سيجرى توقيعها عقب الزيارة، وذلك خلال زيارة قادمة خلال الأسابيع القادمة للقيادات العليا بالقوات المسلحة المصرية والتى ستتضمن جدولاً زمنياً لتنفيذ التعهدات الروسية برفع القدرات العسكرية المصرية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*