
د.حسين الشافعى
حظت زيارة وزيرى الخارجية والدفاع الروسيين الأخيرة للقاهرة – رغم أنها لم تتعد ساعات محدودة – بإهتمام رٍسمى وشعبى بالغين ، تجاوباً مع تيار شعبى جارف – حمل صور بوتين فى مظاهراته المطالبة بسحق نظام الإرهاب والدعوة لبناء مصر حديثة بالتعاون مع الصديق الروسى .
هذا ما يبدو فوق السطح ، أو على ساحة المسرح
لكن ما يدور فى الكواليس شئ آخر تماماً ..
إحدى الوزارات المصرية الكبرى ترفض – بشكل واضح – إشراك روسيا فى مناقصاتها لبناء محطات كهرباء لأسباب غير مفهومة وغير علمية ، تحت دعوى «عدم مطابقة مواصفات محطات الكهرباء الروسية للمواصفات القياسية المصرية!» هكذا … تفوقت مواصفاتنا القياسية المحلية على مثيلتها الروسية بجرة قلم وزارى .
وزارة آخرى ترفض – من حيث المبدأ – أن تعلن مشروعاتها الدولية على الجانب الروسى … لماذا؟ .. لأنهم يعلمون مسبقاً أن الشركات الروسية ستكون خارج المنافسة مع مثيلاتها الصينية أو الأوروبية . حدث أن ذهب احد الدبلوماسين الروس بالقاهرة للقاء أحد الوزراء ليقدم له مشروعاً روسياً لإنشاء صناعة متقدمة كانت الصحف قد ملئت صفحاتها بالحديث عنه ، فإذا بالوزير يتجاهل ما طلبه مسبقاً ، ويفتح الحديث فى موضوعات أخرى .
المكاتب الدبلوماسية المصرية بالخارج – وهى المنوطة بالتواصل مع المؤسسات الروسية للمشاركة فى المناقصات المصرية ، تمتنع – عن عمد أو عن إهمال – عن نقل معلومات كاملة عن هذه المناقصات ، بما يعيق للشركات الروسية أن تشارك بإيجابية فيها .
العقود الأربعة الماضية شهدت تسرطناً للوبى أوروبى / أمريكى بجميع المصالح الحكومية ، يدافع عن مصالحه التى لا تتوافق مع الشراكة الروسية .. فتغلق فى وجهها الأبواب ، وتضع أمامها العراقيل . الرسالة التى يريد أعضاء هذه العصابات نقلها للروس غدت واضحة لا لبس فيها .
فإذا كان هؤلاء قد نسوا أو تناسوا – ما قدمته الصناعة والتكنولوجيا الروسية لمصر خلال أزماتها ، فإن هذا لا ينفى ما أسهمت به هذه التكنولوجيا والصناعة فى بناء مصر فى الستينات .
إذا كانت مصر تريد حقاً التعاون مع روسيا .. فأدعو لفتح ملفات عراقيل خفافيش الظلام التى يحيكونها لعرقلة هذا التعاون.
وإلا .. فإن مصر قد تعلن أنها لا تريد .
ربما لأن هذا السرطان الأمريكى / الأوروبى ما زالت يداه هى العليا .