إجراءات مصر الاقتصادية تفرز مزيدا من التهميش

يرسم تقرير صادر عن وزارة المالية المصرية، قدر عدد من هم تحت خط الفقر في عام 2016 بنحو 21,7 مليون مصري، ملامح الصورة في البلاد.

يأتي ذلك في ظل تحولات هائلة يمر بها الاقتصاد المصري، خاصة منذ تحرير سعر الصرف، أو ما أطلق عليه ”تعويم الجنيه“ في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وما أعقب هذه الخطوة من ارتفاعات هائلة في الأسعار، ألقت بالمزيد من الأعباء على الطبقات الفقيرة، ووجهت ضربة قاصمة إلى الطبقة الوسطى، حيث وجدت هذه الشريحة نفسها في مرمى الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، وتتحمل مع المجتمع المصري فاتورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وشروطه الجائرة، مقابل حصول مصر على قرض بـ 12 مليار دولار تسلم على ثلاث دفعات.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه، ومنذ ثورة 25 يناير شهدت نسبة الفقر قفزة هائلة؛ حيث ارتفعت إلى 25.2% خلال 2010/2011، ثم إلى 26.3% في عام 2012/2013 بزيادة قدرها 22% في نسبة الفقر عما كانت عليه عام 2008/2009، وهو ما يعني وجود نحو 21.7 مليون مواطن غير قادرين على الحصول على احتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية.

وكشف تقرير التنمية البشرية، الذي أصدرته وزارة المالية للعام 2016، أن خط الفقر الغذائي المدقع، الذي يمثل كلفة البقاء على قيد الحياة، يقدر بنحو 2570 جنيهًا مصريا في عام 2013/2012، ويعدُّ الشخص فقيرًا فقرًا مدقعًا على المستوى الغذائي إذا قل إنفاقه عن ذلك الخط.

فيما قالت تقارير اقتصادية أن سلة الغذاء لشخص واحد فقط تقدر بنحو خمسة آلاف جنيه في السنة، فإن هذا الرقم بات من المؤكد زيادته بعد تحرير سعر الصرف، والزيادات الهائلة في الأسعار.

وتجدر الاشارة هنا إلى أن محافظات الصعيد لا تزال تعاني من التهميش والإهمال، خلافا لكل الوعود التي انطلقت في مصر في أعقاب ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو. إذ تقع نحو 762 من بين القرى الألف الأشد فقرا في محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا، وهي قرى يعاني أكثر من نصف سكانها من الفقر الشديد، وتزداد خريطة الفقر تعقيدا بالنظر لوجود نحو 63 في المئة من الفقراء خارج حدود هذه القرى، بوصفها أفقر محافظات مصر، وفي المقدمة منها محافظة أسيوط بوسط صعيد مصر، حيث يبلغ عدد الفقراء فيها 58,1 في المئة من عدد السكان، منهم 24,8 في المئة لا يجدون قوت يومهم. وهذا المستوى المتدني من الفقر يتكرر في معظم محافظات الصعيد في جنوب البلاد، وهو ما أفرز على مدى العقود الماضية نتائج اجتماعية ضارة على مستقبل البلاد، وفي مقدمتها تفشي ظاهرة الإرهاب.

الحكومة المصرية من جانبها، ورغم المعوقات الحادة التي تواجهها، جراء التراكم المتزايد في الديون الداخلية والخارجية، ورغم الفجوة الهائلة بين الصادرات والواردات، تسعى – حسب تصريحات كبار مسؤوليها – للقضاء الكامل على الفقر بحلول عام 2030، وذلك عبر توفير قاعدة صلبة للتنمية المستدامة، بما في ذلك تطوير الصناعة والابتكار ودعم البنية الأساسية، واستحداث آليات صارمة لملاحقة غول الفساد، الذي تمدد في البلاد عبر عقود عديدة. غير أن هذا المسعي للحكومة المصرية يصطدم إلى حد كبير بقرارات الحكومة الأخيرة بتخفيض قيمة الجنيه المصري، وسحب قروض من صندوق النقد الدولي، وما يستتبعه ذلك من رفع الدعم عن المواد الأساسية، وتحرير قيمة العملة الوطنية، وغيرها من حلول لا تتناسب مع خطط الدولة للقضاء على الفقر، وتصبح الدولة في هذه الحالة أكثر تبعية، وتتحمل قروضا فوق طاقتها الاقتصادية، خاصة أن ديون مصر قفزت إلى نحو مئة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

نقلاً عن : RT

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*