تعرف على أقوى الأقمار الصناعية في العالم

كتبت علياء الشامي

لطالما تطلع الإنسان إلى السماء متحيرًا مشدوها، بنجومها المتلألئة و قمرها الوضاء و شمسها الساطعة. تلاحقه الأسئلة عن هذا العالم المجهول المملوء بالأسرار . و حلم بارتياد الفضاء ليكتشف هذه الأسرار، ويتعرف أكثر على كوكبه الأزرق. لكن كان السؤال هو كيف. فعمل في البداية على تطويرعدة تقنيات، من أهمها الصواريخ و الرادارات، ثم كانت فكرة صناعة أقمار تستقر في الفضاء لتصبح بوابة للمعلومات و البيانات والاستكشافات العلمية.

وفي 4 أكتوبر 1957 كانت اللحظة التي نستطيع أن نطلق عليها بداية عصر الفضاء، عندما حمل صاروخ أر ـ 7 القمر الصناعي الروسي سبوتنيك 1 إلى الفضاء . و يوما بعد يوم تزايدت الرحلات الفضائية و ها هى السماء الآن تعج بالأقمار الصناعية متعددة المهام و الأنواع . صانعة عالمًا لحظيًا متغيرًا متسارعًا و مذهلا من الاتصالات و المعلومات و البيانات و الصور . حتى أصبح الإنسان هو من يلهث الآن لاستيعاب كل هذا الكم من المعلومات التي أربكت البشر فواصلوا الليل بالنهار لتصنيع أنظمة و تقنيات تستطيع التعامل مع هذه الثورة المعلوماتية التي فاقت الحدود و التوقعات . و عن طريق الأقمار الصناعية اكتشف الإنسان الكثير من أسرار الكون و المجموعة الشمسية . و عرف كذلك المزيد عن الأرض و المناخ و الأرصاد و الملاحة الجوية و البحرية و علوم المواد و الجاذبية و الاتصالات و ظهرت علوم جديدة مثل طب الفضاء .

ما هو القمر الصناعي

تعددت أنواع الأقمار الصناعية و كذلك أحجامها و أشكالها. و القمر الصناعى يحمله صاروخ إلى مدار محدد. و هناك مكونات أساسية توجد في جميع الأقمار، و منها أجنحة الخلايا الشمسية التي تمد القمر بالطاقة اللازمة لتشغيله، و بطارية احتياطية من الهيدروجين أو النيكل أو الكادميوم لتشغيل القمر في حالات الطواريء أو في حالات كسوف الشمس . يحتوى القمر أيضًا على هوائيات لاتصال القمر بمحطات التحكم الأرضية و كاميرات رقمية دقيقة جدا توجد خاصة في أقمار التجسس و أقمار الطقس و أقمار الأبحاث العلمية . و تصل دقة هذه الكاميرات أحيانا إلى تصوير الأجسام المتحركة على الأرض . و من المكونات الأساسية أيضًا النواقل ، كما في أقمار البث الفضائي و الاتصالات . و هى التي يتم تحميل القنوات الفضائية عليها . و توجد كل هذه المحتويات في وعاء خارجي يحمل اسم bus  و هو الغلاف الخارجي للقمر أو الهيكل الأساسي له . و الذي يضم بدوره مجموعة كبيرة من الدوائر و الرقائق الإلكترونية و أجهزة الكمبيوتر الدقيقة و مولد للطاقة و معدات الاتصال .

و تسلك الأقمار الصناعية خلال حركاتها حول الأرض مسارات تسمى بمدارات أما العلم الذي يصف مدارات الأقمار فيطلق علية حركية المدارات ”orbital dynamics“  و المدارات بارتفاعات و أشكال مختلفة فبعضها مستدير و الآخر بيضاوى و تنقسم الأقمار الصناعية  من حيث طريقة  دورانها حول الأرض إلى أكثر من نوع  و أنواع المدرات هى:

1 : مدار الأرض المنخفض low earth orbit) leo)

هو مدار دائرى في ارتفاع قريب من سطح الأرض يراوح بين 400 إلى 1000كم، و بشكل عام تستخدم المدارات المنخفضة  لأغراض الاستشعار عن بعد و للأبحاث العلمية و الاستطلاع و أقمار الطقس و عند هذا الارتفاعات المنخفضة لا تكون ثابتة على موقع واحد من سطح الأرض , لآن زمن دورانها حول الأرض أقل من زمن دوران الأرض حول محورها

2 : المدار الثابت geostationary orbit) geo)

يعرف بالمدار المتزامن أو الساكن و هو على ارتفاع 35786 كم فوق خط الاستواء، و فيه القمر كإنه ثابت في السماء فوق نقطة على الأرض، و يدور حول الأرض متزامنا مع دورانها حول محورها اى بسرعة قدرها ( 3075ميل /ثانية ) و هى سرعة دوران الأرض نفسها اى أن المدة الزمنية للدورة الواحدة للقمر الصناعى هى 23 ساعة و 56 دقيقة و 4 ثوانى و هكذا يبدوا القمر و كإنة ثابت و هذا المدار من أكثر المدارات استخدامآ و هو مناسب لأقمار الاتصالات و البث الإذاعى و التليفزيونى و المعلوماتى.

3 : مدار الأرض العالى (heo)

يراوح ارتفاع هذا المدار من 10 الف الى 20 الف كم، و هو دائرى الشكل تقريبا و مفيد للملاحة.

4: المدار القطبى polar orbital ) po)

و هو مدار منخفض فوق القطبين الشمالى و الجنوبى ، يبلغ علو هذا المدار 870 كم، و تبلغ مدة الدورة 102 دقيقة و هو مفيد لعمليات الاستطلاع و المسح الأرضى و رسم الخرائط و  الاستكشاف و المراقبة و هذا القمر يستطلع كامل سطح الأرض لأنه يدور فوق كل خطوط العرض.

5: المدار الإهليجى  (eo)

يراوح ارتفاعة من 400 إلى اقل من 200 كم ، و هو مناسب للاقمار الصناعية العسكرية للمراقبة و الاستطلاع و الإذار.

6: المدار الاستوائى المتزامن (synchronous equatorial orbit )

عندما يدور القمر في مدار حول الأرض فوق خط الاستواء، بمعدل دوران الأرض حول محورها نفسه .

تاريخ الأقمار الصناعية

بدأ اطلاق الاقمار الصناعية بعد تطور عدة تقنيات،  و تعد  الصواريخ و الرادارات من أهم التقنيات التي أثرت في اكتشاف الفضاء، فالصواريخ هى الوسيلة لإيصال القمر إلى مداره الفضائى و الرادار مهم لتعقب القمر و معرفة موقعه.  لقد كانت روسيا (الاتحاد السوفيتى سابقًا ) أول من قام بوضع قمر صناعي في الفضاء فلقد  انطلق اﻟﻘﻤﺮ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﺮوﺳﻲ ﺳﺒﻮﺗﻨﻚ ﻓﻲ 4 أﻛﺘﻮﺑﺮ 1957 و منذ هذا التاريخ أصبحت ساحة الفضاء تعج  بالاقمار الصناعية، فإن تاريخ إطلاق القمر سبوتنيك يصلح أكثر من أى تاريخ آخر لتحديد ما نسميه لآن عصر الفضاء .  و بعد ذلك توالى إطلاق الاقمار الصناعية  بشكل مستمر و متطور لأداء مهام معينة أما بحثية أو استكشافية  أو علمية أو ثقافية  أو عسكرية أو خدمية كالاتصالات،  و أصبحت تستخدم في العديد من المجالات المدنية و العسكرية، و لقد تم اطلاق القمر الصناعى سبوتنيك -1 بواسطة  صاروخ (R-7)  السوفيتى الذي قام بأول طيران له لمسافة 8000 كم، و في 3 من نوفمبر 1957، أطلق سبوتنيك 2  لدراسة تاثير الفضاء على الاحياء بوضع كلبة الاسكيمو لايكا، وفي 15 مايو 1958 أطلق القمر الثالث من سلسلة سبوتنيك وكان يزن (1.3) طن وهو مخروطى الشكل وبلغت حمولته (968 كجم) من المستشعرات بغرض دراسة الأشعة الصادره من الشمس .

القمر الاصطناعي ”سبوتنيك الأول“

أطلق إلى الفضاء يوم 4 أكتوبر 1957م، وهو أول قمر صناعي يطلقه الإنسان إلى الفضاء، وهو عبارة عن كرة معدنية بعرض 58 سم، و يزن 84 كجم، ويدور سبوتنيك حول الأرض مرة واحدة كل 96 دقيقة، مداره إهليليجي ( 140 – 560 ميلاً ) و قد بقى في المدار حتى يوم 4 يناير 1958م ، حيث دخل الغلاف الجّوي الأرضي واحترق .

و قد زوّد سبوتنيك -1  العلماء بمعلومات مهمة عن كثافة الطبقات العليا من الغلاف الجّوي الأرضي. و قام بقياس تركيز الإلكترونات في طبقة الأيونوسفير، كما زوّدت الإشارات الراديوية التي اخترقت طبقة الأيونوسفير العلماء بالبيانات الأولية الضرورية لتصميم أجهزة اتصالات فعالة مع المركبات الفضائية.

ومن ناحية أخرى وصل العلماء السوفيات إلى قناعة بإمكانية تطوير معدات تتحمل الظروف السائدة في الفضاء، مثل انعدام الوزن والتغيير المفاجيء في درجات الحرارة وهذه المعلومات كانت ضرورية بلا شك للبرامج الفضائية التي تلت ذلك .

القمر الاصطناعي ”سبوتنيك الثاني“

أطلق إلى الفضاء يوم 3 نوفمبر 1957 م ، و هو يزن 1120 رطلاً ( حوالي نصف طن )، و كانت مدة الدورة الواحدة ساعة و ( 42 ) دقيقة، و مداره إهليليجي : 225 – 1671 كيلومتراً ، أي أن المدار ارتفع إلى ضعف ارتفاع سبوتنيك الأول .

و قد بقي سبوتنيك الثاني في المدار حول الأرض حتى دخل غلافها الجوّي و احترق يوم 14 إبريل 1958 ، أي أن القمر بقي في المدار مدة 163 يوماً ، أكمل فيها (2370 ) دورة حول الأرض . و كان من أهدافه اختبار إمكانية سفر الإنسان إلى الفضاء حيث حمل أول كائن حي في مدار حول الأرض و هو الكلبة لايكا .

حيث تم تزويد القمر بالأجهزة الضرورية للمحافظة على حياة الكلبة لايكا، بالإضافة إلى أجهزة لقياس الإشاعات الشمسية والإشعاعات الكونية .

وقدمّت الكلبة لايكا إلى المواطنين السوفيات يوم 27 أكتوبر حين نبحت على الميكروفون . و قد زوّدت المركبة بكل ما تحتاجه الكلبة لايكا للعيش بضعة أيام في المدار.  و وضعت أجهزة موصولة بأعضاء جسم لايكا لمعرفة تأثير الفضاء الخارجي على حياة الكائن الحي . حيث تم قياس النبض  والتنفس وضغط الدم . ومن أبرز نتائج الرحلة هو أن بإمكان الكائن الحي أن يتحمل الإجهاد الناجم عن عملية الإطلاق وعملية الهبوط ثانية إلى الأرض ، وأن يتحمل الفترات المحدودة التي ينعدم فيها الوزن،  و لم يكن هناك أي تأثير على الكلبة لايكا بسبب حالة إنعدام الوزن في المدار ، إذ استطاعت أن تأكل و تشرب و تنبح و تتحرك لمدة أربعة إلى عشرة أيام ، قبل أن تموت جوعاً أو خنقاً ( بسبب نفاد الأكسجين ) .

 

و نستطيع أن ندرك حجم البرنامج الفضائى الروسى- السوفيتى من حجم الإطلاقات الفضائية فمنذ بداية عصر الفضاء في 1957 حتى عام 1994 بلغ مجموع الإطلاقات المدارية في العالم أجمع 3574 إطلاقاً مداريًا كان نصيب الاتحاد السوفيتى – روسيا منها 2416 إطلاقاً بنسبة  67,6%.

وفي عام  1987 على سبيل المثال ﻛﻮﻧﺖ عمليات الإطلاق السوفييتية 86% من عمليات الإطلاق الفضائى في العالم اجمع، و بهذه المقاييس وحدها يمكن اعتبار روسيا التي يقوم فيها النشاط الفضائى بشكل شبة كامل أكبر قوة فضائية عالمية.

و منذ اطلاق أول قمر حتى يومنا هذا شمل التطور منظومة القمر نفسه و قدراته و مكوناته الالكترونية الدقيقة من مستشعرات و كاميرات رقمية فائقة الجودة و الدقة، زدات من عمره الافتراضى و كفاءة عمله، كما شمل التطور أيضا عملية اطلاق القمر ،ثم  التطور الكبير في محطات التحكم الارضية.

و نستطيع الآن أن نلخص في عجالة المجالات التي قدم فيها غزو الفضاء نتائج إيجابية للعالم و الجنس البشرى ككل و التي بدأ استغلالها فعالا و هذه المجالات هى :

1- الاستكشافات الكونية

( استكشاف القمر ، استكشاف المجموعة الشمسة،  استكشاف الكون خارج المجموعة الشمسية) .

2- الاتصالات

3-البث الإذاعى و التليفزيونى

الإعلام و التوعية ، التعليم و محو الأمية و التعليم المتصل، البرامج التليفزيونية .

4- الاستشعار عن بعد

( التنبؤ بالمحاصيل و مراقبة الآفات الزراعية، التنبؤ بالموارد المائية، مراقبة التصحر، حصر الموارد الطبيعية، و مراقبة حرائق الغايات، تخطيط المدن، استكشاف المناطق الأثرية).

5- الأرصاد الجوية

6-الملاحة الجوية و البحرية

7-طب الفضاء

8-علوم المواد

9-جارب الجاذبية الضئيلة

10 – الاستخدامات العسكرية