ماذا قال نجيب محفوظ عن تشيخوف ؟

 

كتب – خالد بيومي :

تحدث أديب نوبل نجيب محفوظ عن الكاتب الروسي أنطون تيشخوف في مجلة السياسة الأسبوعية فيتناول حياته ويقسمها إلى فترتين ، كانت الأولى جحيم الكاتب ؛ لأنه لم يكن متفرغا لفنه ، وفاقداً فيها لإيمانه ، أما الفترة الثانية فكانت جنته ، لأنه تفرغ للفن ، وعاد إليه نوع ما من الإيمان .

وفي الفترة الأولى يتحدث نجيب محفوظ عن حياة تشيخوف في  ”أسرة فقيرة“  فقد كان جده عبداً اشترى حريته ، أما والده ”فترقى من كاتب حقير إلى صاحب حانوت“  . ونحن نعلم ما يعانيه الكاتب إذا كان دافعه إلى الكتابة التكسب وسد العوز ، لا الإلهام والحب ، ثم إنه يعيش في حي ”حقير“ تختلط فيه ضوضاء الأطفال بصراخ الفتيان ، مثل هذه الحياة أقرب إلى الفناء والعدم ، لأننا لم نتذوق جمال الوجود ، ونحس بالحياة ، إلا في الساعات التي نقف فيها قليلا لنتملى ونتسلى وكان يعلم أن أدبه غث ، وحاول أن يكتب كما يريد ويتمنى ، ولكن لم يلق تشجيعاً ما .

وطبيعي أن يزداد جحيمه في هذه الفترة من حياته بسبب فقده للإيمان . ومن الحق علينا أن نتكلم عن إيمانه ، فإن إيمان الرجل أو عدمه أدق مقياس يزن أعماله وتصرفاته .

وتشيخوف يقول صراحة إنه فقد الإيمان برب الكنيسة وهو صغير ، وطال عهده بهذه الحرية الدينية وبقى يلهو ويعبث .

أما فترة النعيم في حياة تشيخوف – في رأي نجيب محفوظ – فهي الفترة التي طرح فيها ”الأمور التافهة في الحياة والمشكلات الإنسانية“ . وعاش خالصا لوجه الفن ، شاهدا نزيها فقط ، ليس حراً ، ولا محافظاً ، ولا مصلحاً ، ولكن فناناً فقط  . وطبيعي أن يعود إليه في هذه الفترة نوع ما من الإيمان لا يكتمل النعيم بغيره . وفي النهاية اهتدى الأديب إلى الإيمان ، وكان إيمانه بالإنسان .

كما قدم محفوظ ملخصاً لمسرحية ”الخال فانيا“ لتشيخوف وقدم لها بمقدمة عن حياته تحدث فيها عن مرحلتي هذه الحياة ، وكرر أنه في نهاية المرحلة الأولى لم يكن ينظر إلى فنه نظرة فنان ولكن نظرة تاجر متكسب . أما في المرحلة الثانية فأصبح أديباً من أكبر أدباء الروس في القرن التاسع عشر .أما الصفة الفنية الوحيدة التي وصف بها المسرحية فهي ”أنها من رواياته المسرحية الناجحة“ .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*