ملصق الفيلم

معركة ستالينجراد … المعركة التي غيرت مجرى التاريخ

كتبت: أماني التفتازاني

عرض المركز الروسي للثقافة والعلوم بالدقي، الفيلم الروسي ستالينجراد، وذلك بمناسبة عيد النصر الذي يوافق انتهاء الحرب العاليمة الثانية. وتدور أحداث الفيلم في إطار عسكري درامي ويعتبر فيلم ستالينجراد هو أول فيلم روسي يتم تصويره  بتقنية  IMAX 3D. ويحكي الفيلم عن أحداث معركة ستالينجراد أثناء الحرب الوطنية العظمى من خلال تناول أحداث الدفاع عن أحد المباني الاستراتيجية الواقعة في الجهة اليمنى من نهر الفولجا، وتدور أحداث الفيلم في الفترة من نوفمبر 1942 أثناء احتلال القوات النازية للمدينة ، حيث قام عدد من القوات السوفيتية بالاحتماء بأحد المباني السكنية المؤدية إلى الجسر الواصل بالضفة اليسرى لنهر الفولجا الذي يعتبر سقوطها هو البداية لعبور القوات الألمانية للنهر، وبالتالي السيطرة على مداخل ومخارج المدينة. ويفاجأ الجنود بوجود فتاة بداخل المبنى السكني ترفض الخروج منه، على الرغم من وفاة جميع أفراد عائلتها وجيرانها. ومن ثم يكون للفتاة دور في شحذ همم الجنود المقاتلين للدفاع عن الجسر ومنع القوات النازية من عبوره إلى الضفة اليسرى لنهر الفولجا.

لقطة من الفيلم

لقطة من الفيلم

 ويبدأ الفيلم بمشهد تم تصويره في العصر الحديث بسقوط أحد المباني وتواجد عدد من المحتجزين الذي يتضح فيما بعد أنهم أطفال يتحدثون اللغة الألمانية، ثم يأتي الطبيب ( الذي يقوم بدور الراوي ) في محاولة لإنقاذهم ويحكي لهم عن قصة احتجاز الجنود الروس داخل البناية ليتضح في آخر الفيلم أنه ابن الفتاة الروسية التي عثر عليها الجنود في البناية.  ويصور الفيلم تنفيذ القوات السوفيتية هجومًا مضادًا على الجانب الألماني في الجهة اليمنى لنهر الفولجا، وذلك لصدهم عن التوغل عبر النهر، لكن قوات الاستطلاع السوفيتية بقيادة، القائد جروموف، عجزت عن العبور إلى الجهة الأخرى من النهر واحتُجزت داخل إحدى البنايات المهدمة جراء القصف النازي للمدينة، حيث صدرت لهم الأوامر بالإحتماء بالمبنى والبقاء فيه مهما كلف الثمن. وقد نجا عدد قليل من الجنود السوفيت بأعجوبة وحولوا المبنى إلى ثكنة عسكرية. وأثناء تواجدهم بالمبنى عثروا على الفتاة كاتيا البالغة من العمر 19 عامًا التي تعتبر الناجية الوحيدة من بين جميع السكان الذين كانوا يقطنون البناية . وتنشأ قصة حب بينها وبين أحد الجنود وسط واحدة من أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية والتي استمرت 6 أشهر.

وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا عند عرضه في دور السينما في أكتوبر 2013، وخُصصت له ميزانية قدرها 30 مليون دولار. وجمع الفيلم إيردات 68 مليون دولار عند عرضه في دور السينما في العالم، منها مليون دولار في الولايات المتحدة فقط ، بالإضافة إلى 51 مليون في روسيا. وشاهده 6.19 مليون في روسيا، و1.77 في الصين، وتخطى النصف مليون في أوكرانيا.

وتخلل الفيلم عدد من المشاهد المؤثرة التي تصور بشاعة المعركة ودمويتها، وفي نفس الوقت صورت الصراع النفسي والمشاعر الإنسانية المتضاربة والشعور بالعجز في بعض الأحيان أمام الموت والدمار. ومن أبرز مشاهد الفيلم العثور على الفتاة كاتيا بالمبنى المهدم وإصرارها على البقاء فيه حتى لو كلفها ذلك حياتها، حيث يرمز المبنى بالنسبة لها إلى الوطن. ثم مشهد عثور الجنود على جواز سفرها وقرارهم بالاحتفال بعيد ميلادها وسط ذلك الدمار، حيث كانت الفتاة تقوم بمساعدتهم في إعداد الوجبات البسيطة وملأ المياه الصالحة للشرب وعرفانًا منهم بجميلها، أعدوا لها حفلة بمناسبة مولدها. وفي مشهد آخر يقرر أحد الجنود تدريب الفتاة على إطلاق النار، وبينما هم يراقبون الميدان خارج المبنى، ظهر أحد الجنود الألمان الذي كان يقوم بملأ المياة. فخرجت الرصاصة من البندقية لتصيبه إصابة قاتلة في الرأس، ووسط فرحة الجندي بمقتل الجندي الألماني يأتي قائد الفرقة ليوبخه على فعلته ويكرر على مسامعه الإلتزام الأخلاقي، حيث لا يجب قتل أي شخص أثناء شرب المياه خاصة أن الجندي قد أشار بعلامة الاستسلام وعدم حمله للسلاح، مشددًا أنه لا يجب قتل حتى الحيوانات أثناء الشرب. ونشبت مشادة حادة بين جميع الأطراف ما بين مؤيد ومعارض وسرد لأفعال الجنود الألمان غير الإنسانية تجاه المدنيين العزل. كل ذلك وسط إطلاق النار من الجانب النازي تجاه البناية وأصابة الجندي في ذراعه، فيما أعلنت كاتيا أنها من أطلق الرصاص على الجندي الألماني وليس الجندي الذي فقد جميع عائلته أثناء الحرب على يد الألمان. كما يوجد مشهد آخر مؤثر هو مشهد للفرقة الألمانية وهي تقوم باستدعاء جميع الأشخاص الناجيين والمقيمين داخل المنازل المهدمة في الساحة ومحاولة استجاوبهم لإحدى السيدات الشابات التي كانت بصحبة ابنها وفور علمهم بأنها يهودية الديانة، أصدروا أوامرهم باللغة الألمانية بالقبض عليها واحتجازها داخل إحدى العربات القديمة المتواجدة بالقرب من البناية، وسط صراخ الأم ومحاولة تهدئتها للطفل، بينما كان الجنود يراقبون ما يحدث من داخل البناية وسط حث كاتيا لهم بفعل شىء لإنقاذ السيدة الشابة والطفل. وبسرعة البرق أضرم الجنود الألمان النار في العربة المحتجز بها السيدة والطفل وبدأ القتال بين الجانبين وسادت حالة من الذعر بين الجميع، وذلك بالأسلحة المحدودة التي بين أيديهم. فيقرر أحد الجنود نقل كاتيا من تلك البناية إلى بناية أخرى تبعد قليلا عنها، ثم يتركها ويعود ليساعد أقرانه في القتال الذي وصل إلى ذروته باقتراب الدبابات النازية ومن خلفها جنود المشاة، ويحتدم القتال العنيف بين الطرفين ويتمكن الجنود الألمان من اقتحام المبنى. وفي حركة سريعة يصدر قائد المجموعة أوامره إلى الضابط الروسي بالاتصال بالقاعدة وإخبارهم بالإحداثيات كي تتمكن الطائرات السوفيتية من قصف الجنود الألمان من الجو، وبالفعل تقوم الطائرت السوفيتية بقصف المبنى وبداخله ما تبقى من الفرقة، بينما تشاهد الفتاة كاتيا المشهد من بعيد في البناية الأخرى. لتنتهي أحداث الفيلم بالرجوع إلى مشهد البداية بإنقاذ الأطفال الألمان من تحت الأنقاض بواسطة الروس.

قامت بدور كاتيا الممثلة الشابة، ماريا سمولنيكوفا، التي يعتبر فيلم ” الابنة ” من أفضل أفلامها إلى جانب دورها في فيلم ستالينجراد. وقام بدور القائد جروموف الممثل الشاب، بيتر فيدروف، الذي مثل إلى جانب دوره في هذا الفيلم أدوار عديدة، أبرزها أدواره في أفلام “شجرة الكريسماس 2، الأمهات، الأرض” إلى جانب أدواره التليفزيونية الناجحة. بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الممثلين منهم: يانا ستوديليانا في دور ماشا، ديمتري ليسنكوف، في دور القناص تشفانوف.

 وقد استند كاتب السيناريو، إيليا تيلكين، على المصدر الأدبي من فصول رواية الكاتب، فاسيلي جروسمان، التي تحمل عنوان ” الحياة والقدر ” وكُتبت فيما بين 1950 – 1959 وتدور أحداثها حول الحرب الوطنية العظمى. ورفض الممثل الألماني، تيل شفايجر، المشاركة في الفيلم لعدم رغبته في تجسيد شخصية الضابط النازي. وقد عُرضت أولى المشاهد القصيرة للفيلم في 17 أبريل في معرض  CinemaConبـ لاس فيجاس. ومن مفارقات الفيلم، أن الممثل الألماني، توماس كريتشمان، الذي قام بدور ضابط الجيش الألماني الذي يعتبر الخصم اللدود في الفيلم، قد بدأ مشواره الفني منذ أكثر من 20 سنة في فيلم ألماني يحمل عنوان “ستالينجراد” عام 1992 من إخراج، يوسف فيلسمايير.

دار تصوير الأحداث بالقرب من سانت بطرسبورج ( في قرية سابريني ) في أحد الساحات المخصصة للتدريبات العسكرية السابقة. وتم بناء مساحات شاسعة غير مسبوقة لأجل تصوير المشاهد السينمائية الروسية. وقد تم بالفعل بناء عدد من الأحياء السكنية بمدينة ستالينجراد، بها عناصر مألوفة للمشاهد من اللقطات الأرشيفية. وقد استمر التصوير حوالي 79 يومًا. وتم الاستعانة بحوالي 1000 شخص في تصوير المشاهد الجماعية. وتم مراعاة الفترة التاريخية من حيث الملابس والأسلحة والديكورات. ويعتبر مشهد تفجير المبنى من أصعب المشاهد من الناحية الفنية، نظرًا لصعوبة إعادة بناء ديكور المبنى مرة أخرى، إلا أن المخرج قد نجح من المرة الأولى في تصوير. ومن الأخطاء التي جاءت في الفيلم أثناء حديث البطل توماس كريتشمان مع ماشا وإخباره لها بأنه ينحدر من العرق البروسي النبيل، وأنه قد تم بدعوة المشير فرديريك باولوس إلى منزله، غير أن أحداث الفيلم جرت عام 1942، بينما تمت ترقية بولوس إلى رتبة مشير في يناير 1943.

ونال الفيلم جائزة “النسر الذهبي – زالتوي أريول” لأفضل تصوير سينمائي، أفضل إخراج فني، أفضل ملابس، أفضل هندسة صوتية. كما رُشح لنفس الجائزة لأفضل فيلم وأفضل مونتاج. كما أُُدرج ضمن مسابقة الأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي، لكنه لم يدخل ضمن الأفلام المرشحة. الفيلم مدته 135 دقيقة ومن إخراج، فيودر بوندارتشوك، وإنتاج، سيرجي ميلكوموف، وأنطون سنيجكين، وفاسيلي جروسمان. والموسيقى التصويرية كانت لـ أندجيلو بادالامينتي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*